كثيرة ؛ فحينئذ لا يكون قولنا «إلّا الله» موجبا للتوحيد المحض ، وحيث أجمع العلماء على أنّ قولنا «لا إله إلّا الله» يوجب التوحيد المحض علمنا أنّ قولنا «الله» اسم علم لتلك الذات المعيّنة ، وأنّها ليست من الألفاظ المشتقّة. انتهى.
واحتجّ له أيضا بأنّ من أراد أن يذكر ذاتا معيّنة ثمّ يذكره بالصفات ، فإنّه يذكر اسمه أوّلا ثمّ يذكر عقيب الاسم الصفات ، ومن أراد أن يذكر الله بالصفات المقدّسة فإنّه يذكر أوّلا لفظ «الله» ثمّ يذكر بعده الصفات ، فيقول : «الله العالم القادر» فهذا يدلّ على أن لفظ «الله» علم ، لا أنّ مفهومه الكلّيّ ، لكونه مشتقّا ، ولا يذهب عليك أنّ هذين الوجهين لا ينفيان كون هذا اللفظ مشتقّا في الأصل وصيرورته عليما ، فيكون «الألف» و «اللّام» للمح ، فتأمّل.
واحتج للثاني بوقوعه صفة في قوله (وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ) (١) وقوله (هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) (٢) وفيه ما لا يخفى ، كالاحتجاج له بأنّ اسم العلم قائم مقام الإشارة ، فكما أنّ الإشارة إلى ذاته تعالى ممتنعة ، فكذلك وضع العلم المعيّن للحقيقة والذات ، فإنّ أسماء الله توقيفيّة ، فإذا كان واضعها هو الله فلا مانع من وضعه هذا الاسم لذاته. هذا ، مع أنّه لا يشترط في الوضع المعرفة بالكنه. وكيف كان فالفرق بين هذا اللفظ ولفظ «الإله» أنّ هذا اللفظ لا يطلق إلّا على المعبود بالحقّ ، وهو الجامع لجميع الصفات الكماليّة من الجمال والجلال ، بخلاف الثاني لإطلاقه على مطلق ما عبد ؛ سواء عبد بحقّ أو بباطل.
__________________
(١) الأنعام : ٣.
(٢) الحشر : ٢٢ و ٢٣.