وبين الشعلة الّتي هي الدخان المنفعل بالاستضاءة عن حرارة النار ، كذلك لا ربط بين الحوادث وبين المعبود بالحقّ عزّ وجلّ ، وإنّما الربط بين الحوادث وبين فعل الله الّذي آيته حرارة النار ، والمتعلّق به الّذي هو نور محمّد صلّى الله عليه وآله آيته الدهن المتكلّس حتّى صار دخانا واستضاء بحرارة النار ، فخلق الله من شعاعه حقائق الأشياء الّتي آيتها شعاع السراج الواقع على الأرض والجدر ، فإنّ الله خلقه من شعاع الشعلة المرئيّة من السراج.
ومن المعلوم المقطوع به أنّ الربط متحقّق بين الأشعّة الواقعة على الأرض والجدر وبين الشعلة المرئيّة الّتي هي الدخان المتكلّس من الدهن بحرارة النار ؛ استنير من حرارتها ، وبين الأشعة بعضها بالنسبة إلى بعض لا غير ذلك ، وليس بينها وبعضها وبين النار ربط في حال من الأحوال ، ولا نسبة ولا تعلّق ، وهذا آية ما نحن فيه فتفهّم. انتهى كلامه.
وللحكماء في مسألة الربط بين القديم والحادث كلمات مختلفة ، والأولى أن نطوي الكشح عن التحقيق في هذه المسألة ، وظنّي أنّها من السرّ المستسرّ ، والسرّ المقنّع بالسرّ ، فإنّ غاية ما ندركه في المقام هو إيجاده وخلقه ، وأمّا كيفيّة ذلك وحقيقته فلا يعلمها سوى الله ومن ارتضاه لعلمه ووحيه. ومرادنا ممّا ذكرناه في الجواب عن الإشكال المذكور : أنّ الذات من حيث إنّه ذات لا ينقص منه شيء ، ولا يزيد عليه شيء فهو هو كما كان في الأزل والآن كما كان ، وصدور الموجودات من مشيّته لا يوجب شيئا من ذلك سبحانه (سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَصِفُونَ) (١).
__________________
(١) الأنعام : ١٠٠.