قال بعض المشايخ : والحاصل إنّ الذات البحت لا يجوز أن تكون علّة لشيء إلّا على المعنى الّذي قرّرنا من أنّ الأشياء كلّها تنتهي إلى فعله ، وفعله ينتهي إلى نفسه ؛ أي نفس الفعل.
وإليه الإشارة بقول أمير المؤمنين عليه السلام : انتهى المخلوق إلى مثله ، وألجأه الطلب إلى شكله ، الطلب مردود ، والطريق مسدود ، ولو فرض أنّ ذاته تعالى علّة لشيء ، لوجب أن يكون هيئته مشابهة لهيئة ذاته ، لأنّ المعلول أثر ، والأثر يشابه صفة مؤثّره ؛ كما ترى من مشابهة هيئة الكتابة ، فإنّها تشابه صفة حركة يد الكاتب ، ولا تشابه شيئا من صفات الكاتب ، فلا تدلّ على قوّته وضعفه ، ولا على بياضه وسواده ، ولا على سعادته وشقاوته ، ولا على طوله أو قصره. وهكذا.
ولو كان بين الكتابة وبين ذات الكاتب مناسبة لدّلت الكتابة بهيئتها على شيء من صفات ذات الكاتب ، فلمّا لم تكن بينهما مناسبة بوجه من الوجوه دلّ على عدم الربط ، إلى أن قال : فمن عرف ما قلنا حصل له القطع بعدم الربط بين الأثر والذات.
وبيانه : أنّ «السراج» ضربه الله مثلا تامّا فيما نحن فيه ، فالنار آية الواجب عزّ وجلّ ، وحرارة النار آية المشيّة الّتي هي فعل الله ، وآية نور محمّد صلّى الله عليه وآله الدهن المتكلّس بحرارة النار حتّى صار دخانا واستنار ذلك الدهن بتلك الحرارة ، لأنّ نور محمّد صلّى الله عليه وآله يكون بفعل الله كما استنار الدخان بحرارة النار في السراج ، والأشعّة المنبعثة من آية الأشياء الموجودة من نور محمّد صلّى الله عليه وآله فكما أنّ الأشعّة لا ربط بينها وبين النار الّتي هي الحرارة واليبوسة الجوهريّان ؛ إذ لا يؤثّر فيها ، وإنّما الربط بين الأشعّة