المنتسبين وتحقّقهما ، فهي إمّا حادثة فيلزم كونه تعالى محلّا للحادث ، وإمّا قديمة فيلزم قدم الخلق وتعدّد القدماء ، وكلا اللازمين باطل بالضرورة.
نعم تكون المناسبة بين فعل وأثره وخلقه. قيل : لأنّه إنّما أوجد الموجودات بفعله لا بذاته ، ولفعله رؤوس ؛ كلّ رأس يختصّ بموجود من الموجودات ، فهو ملك له رؤوس بعدد رؤوس الخلائق ممّا وجد ، وممّا لم يوجد ، وسيوجد إلى يوم القيامة ، وبعده إلى ماشاء الله. فأوجد الموجودات بفعله وخلقه بنفسه ، فكان الفعل في أوّل ظهوره نقطة جوهريّة لا تقبل القسمة أبدا في جميع الجهات لا فرضا ولا عقلا ولا وهما ، ثمّ حرّكها الله بنفسها فصارت «ألفا» قابلة للقسمة في الطول ، لا في العرض ، فهذه «الألف» هي النقطة ، ثمّ حرّكها الله بتحريكها بنفسها فصارت «حروفا غاليات» ثمّ جمع بين الحروف المتفرّقة فصارت «كلمة» فأنزل من سحاب تلك الكلمة «ماء الدلالة» وهي الظهور والتجلّي للخلق بالخلق على أرض القابليّات ، فنبتت شجرة الوجود المقيّد ، فكلّ الموجودات ثمرات تلك الشجرة وأغصانها وأوراقها ، فالرابطة إنّما تكون بين الحادث والحادث ، لا بينه وبين القديم تعالى ، فإنّه منزّه عنها وعن المشابهات والمجانسات ، فالآثار كلّها صادرة عن فعله تعالى لا عن ذاته ، وفعله صادر عن نفس ذلك الفعل.
كما قال عليه السلام : خلق الأشياء بالمشيّة ، وخلق المشيّة بنفسها (١).
وبعبارة أخرى : الأشياء كلّها مرتبطة بفعله ، وفعله مرتبط بنفس هذا الفعل ؛ إذ ليس قبله مثل حتّى يرتبط به ، ولا معه غيره حتّى يكون مرتبطا به.
__________________
(١) في الكافي ١ : ١١٠ : عن أبي عبد الله عليه السلام قال : «خلق الله المشيّة بنفسها ، ثمّ خلق الأشياء بالمشيّة».