شكر المنعم ممّا حكم به العقل الكامل ، ولا يخفى أنّ فائدة الحمد ليست عائدة إليه تعالى ، بل إلى العبد ؛ إذ به يزيد الله نعمه عليه ، فلذا قال : (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ) (١) فلك الحمد يا من له في كلّ نفس من الأنفاس ، وخطرة من الخطرات منّا منه منن لا تحصى ، وفي كلّ لحظة من اللحظات نعم لا تنسى ، وفي كلّ حال من الحالات عائدة لا تخفى.
وفي الكافي : عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : ما فتح الله على عبد باب شكر فخزن عنه باب الزيادة (٢).
أقول : ويؤيّده قوله تعالى : (لَأَزِيدَنَّكُمْ) ويعضده أيضا : ما فيه عن أبي عبد الله عليه السلام قال : من أعطي الشكر أعطي الزيادة.
وفيه عنه عليه السلام : ما أنعم الله على عبد من نعمة فعرفها بقلبه وحمد الله ظاهرا بلسانه فتمّ كلامه حتّى يؤمر له بالمزيد (٣).
أقول : قوله «فعرفها» إلى آخره ، مخفّفا أي علم وعقد بقلبه أنّها من عند الله ويسمّى ذلك بالحمد الباطنيّ الجنانيّ.
قوله «وحمد الله ظاهرا» إلى آخره ، إشارة إلى الحمد اللّسانيّ الّذي يظهر باللسان بقوله مثلا «الحمد لله» ونحوه. ولعلّ ذلك معنى قوله تعالى : (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) (٤) أي : أظهرها بلسانك موافقا لما عقدت عليه.
قوله «حتّى يؤمر» إلى آخره ، متعلّق بقوله «ما أنعم الله» إلى آخره.
__________________
(١) إبراهيم : ٧.
(٢) الكافي ٢ : ٩٥.
(٣) الكافي ٢ : ٩٥.
(٤) الضحى : ٤.