.................................................................................................
______________________________________________________
فكانت السيرة العمليّة الجارية عليها عامّة الناس هو ذلك والناس على دين ملوكهم إذن لم يكن يتيسّر للإمام (عليه السلام) إبراز ما عنده في هذه المسألة نفياً أو إثباتاً ، فبطبيعة الحال كان الحكم الواقعي مخفيّاً ، أو لا أقلّ من أنّه لم يكن بتلك المثابة من الظهور كما يدّعيه المحقّق المزبور بحيث تكون السيرة جارية عليه ، ولا غرابة في ذلك فإنّ استثناء حصّة السلطان المتسالم عليه الآن كان خفيّاً آن ذاك على مثل محمّد بن مسلم على جلالته وعلوّ شأنه بحيث تصدّى للسؤال عنه في صحيحته المتقدّمة ، فليكن استثناء المئونة أيضاً كذلك.
بل قد يظهر من بعض النصوص المفروغيّة عن عدم الاستثناء ومغروسيّته في الأذهان ، وهي رواية محمّد بن علي بن شجاع النيسابوري : أنّه سأل أبا الحسن الثالث (عليه السلام) عن رجل أصاب من ضيعته من الحنطة مائة كر ما يزكّى ، فأخذ منه العُشر عشرة أكرار ، وذهب منه بسبب عمارة الضيعة ثلاثون كرّاً ، وبقي في يده ستّون كرّاً ، ما الذي يجب لك من ذلك؟ وهل يجب لأصحابه من ذلك عليه شيء؟ فوقّع (عليه السلام) : «لي منه الخمس ممّا يفضل من مئونته» (١).
فإنّ تعيين الزكاة في العشرة دون السبعة دليلٌ على اعتقاد عدم الاستثناء ، امّا اعتقاد الأخذ لو قرئ : «فأُخذ منه» مبنيّاً للمجهول ، أو اعتقاد المأخوذ بأن يكون هو بنفسه أفرز الزكاة في هذه الكمّيّة ليصرفها في محلّها لو قرئ مبنيّاً للمعلوم ، إذ لا يؤثّر ذلك فرقاً فيما هو مناط الاستشهاد بهذه الرواية من المفروغيّة والمغروسيّة حسبما عرفت ، ولا سيّما مع التقرير وعدم الردع.
نعم ، الرواية في نفسها ضعيفة السند ، لعدم ثبوت وثاقة النيسابوري ، فلا تصلح إلّا للتأييد.
__________________
(١) الوسائل ٩ : ١٨٦ / أبواب زكاة الغلّات ب ٥ ح ٢.