لا ينسى.
وهكذا حواره اللطيف والزاخر بالمعاني مع عَبَدة النجوم والكواكب في عصره والّذي ذكره القرآن الكريم لمعرفتنا ، افضل واسمى درس توحيدي لطلاب الحقيقة وبغاة الحق.
مولد إبراهيم :
لقد وُلدَ بطَلُ التوحيد في بيئة مظلمة كانت تسربلها ظلمات الوثنية ، وعبادة البشر ... في بيئة كان الإنسان فيها يخضع لأَصنام نحتها بيديه ، كما يخضع لكواكب ونجوم.
لقد وُلد حامل لواء التوحيد « إبراهيم الخليل » عليهالسلام في « بابل » الّذي يعدّها المؤرخون إحدى عجائب الدنيا السبع ، ويذكرون حولها قصصاً واموراً كثيرة تنبئ عن عظمتها وأهمية حضارتها ، فيقول « هيردوتس » المؤرخ المعروف ـ مثلا ـ : لقد كانت بابل بنية بشكل مربَّع طول كل ضلع من اضلاعه الاربعة ( ١٢٠ فرسخاً ) ومحيطه ( ٤٨٠ فرسخاً ) (١).
إنَّ هذا الكلام مهما كان مبالغاً فيه إلاّ أنه على كل حال يكشف عن حقيقة لا تقبل الإنكار ، إذا ما ضُمَّ إلى ما كتبه الآخرون عن تلك المدينة التاريخية.
غير اننا لا نرى من تلك المدينة اليوم ومن مناظرها الجميلة ، وقصورها الرائعة ، إلاّ تلاّ من التراب في منطقة بين « دجلة » و « الفرات » ، فالموت يخيّم على كل تلك المنطقة ، اللّهم الا عندما يكسر علماء الآثار بتنقيباتهم جدار الصمت أحياناً ، بحثاً عن آثار تلك المدينة ، ويستخرجون بقاياها الموقوف على معالم من حضارة اصحابها وسكانها.
لقد فتح رائد التوحيد ومُرسي اركانه « إبراهيم الخليل » عليهالسلام عينيه
__________________
١ ـ قاموس الكتاب المقدّس ، مادّة بابل.