له من منزلة عند اللّه تعالى.
كيف لا والاحتفال بميلاده لا يعني سوى ذكر أخلاقه العظيمة ، وسجاياه النبيلة ، والاشادة بشرفه وفضله وهي اُمور مدحه القرآن الكريم بها إذ قال سبحانه : « وإنّك لَعلى خُلُق عظيم » (١) وقال تعالى أيضاً : « ورَفعنا لك ذكرك » (٢) وغير ذلك من الآيات المادحة لرسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فان الاحتفال بميلاد رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم الّذي يتحقق بذكر صفاته وأخلاقه والاشادة به خير مصداق لرفع ذكره ، الّذي فَعلهُ اللّه بنحومّا.
ولو كان رفع ذكر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أمراً غير جائز ولا صحيح ، بل فعلا قبيحاً لما فعله اللّه ، فيكفي في حسنه وصحته بل ومشروعيته ومطلوبيته ان اللّه تعالى فعله بالنسبة لنبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وهل يكون الاحتفال بمولد رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، واظهار السرور والشكر للّه تعالى بمقدم نبيه المبارك عبادة للنبيّ كما يزعم البعض إذ يقول :
« الذكريات الّتي ملأت البلاد باسم الاولياء هي نوع من العبادة لهم وتعظيمهم » (٣).
والحال ان العبادة في مفهومها الاصطلاحي الموجب للشرك والكفر ليس إلاّ الخضوع لمن يُعتَقَدْ بالوهيته وتعظيمه بهذه النية (٤) واين هذا من ذكر فضائل النبي في يوم مولده والابتهاج بمقدمه والشكر للّه على ولادته.
ثم ان تعظيم رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ينطلق من كونه عبداً مطيعاً للّه تعالى ، ادى رسالته بصدق واخلاص ، وجسّد بسلوكه وسيرته كل مكارم الاخلاق اصدق تجسيد فالاحتفال بمولده الكريم احتفال بالقيم السامية ، وشكر للّه على منّه ، واظهار للحب الكامن في النفوس ليس إلاّ.
والزعم بانه محرّم لكونه بدعة ، أو لأنه لا يخلو عن اشتماله على منكرات
__________________
١ ـ القلم : ٤.
٢ ـ الانشراح : ٤.
٣ ـ فتح المجيد : ص ١٥٤ ، ثمّ نقل عن كتاب قرّة العيون ما يشابه هذا المضمون.
٤ ـ راجع مفاهيم القرآن في معالم التوحيد : ص ٤٠٤ ـ ٤٤٠.