وكان « عمر » الّذي كانت بينه وبين المسلمين علاقات جداً سيئة (١) قد أزعجه ما أصابَ المجتمع المكي من تشتُّت وفرقة ، وما لحق بقريش من المتاعب أثر ظهور الإسلام ، من هنا عزم على أن يقضي على علة هذا الأمر باغتيال رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم والفتك به.
فخرج يوماً متوشحاً سيفَه يريد رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ورهطاً من أصحابه وقد ذكروا له أنهم قد اجتمعوا في بيت عند الصفا وهم قريب من أربعين ما بين رجال ونساء ، ومع رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم عمّه « حمزة » بن عبد المطلب و « ابوبكر » و « علي بن ابي طالب » في رجال من المسلمين يحفظونه ويحرسونه.
يقول « نعيم بن عبد اللّه » وقد كان صديقاً حميماً لعمر : لقيت عمراً وهو متوشح سيفاً ويريد مكاناً فقلتُ له : أينَ تريد يا عمر؟
فقال : اُريد محمَّداً هذا الصابئ الّذي فرّق في أمر قريش ، وسفّه أحلامها وعابَ دينها ، وسبَّ آلِهتها ، فأقتُله.
فقال له نعيم : واللّه لقد غرّتك نفسُك من نفسِك يا عمر ، أترى بني عبد مناف تاركيك تمشي على الأرض وقد قتلتَ محمَّداً أفلا ترجع إلى اهل بيتك فتقيم أمرَهم؟
قال : وأيُ أهل بيتي؟
قال : ختنُك وابنُ عمك « سعيد بن زيد » واختك « فاطمة بنت الخطاب » فقد واللّه أسلما ، وتابعا محمَّداً على دينه فعليك بهما.
فأغضب هذا النبأُ عمر بشدة فانصرف عن الهدف الّذي كان يرمي إليه وعاد من توّه إلى بيت اُخته ، فدخل على اُخته وختنه وعندهما « خبّاب بن الأرت » معه صحيفة فيها سورة « طه » يقرئُهما إياها ، فلما سمعوا حسّ « عمر » تغيّب « خبّاب » في مخدع لهم ، أوفي بعض البيت ، واخفت « فاطمة بنت
__________________
١ ـ راجع السيرة النبوية : ج ١ ، ص ٣٤٢ ـ ٣٤٦.