الخطاب » الصحيفة ، وكان « عمر » قد سمع حين دنا إلى البيت قراءة « خبّاب » عليهما ، فلما دخل قال : « ما هذه الهينمة (١) الّتي سمعت؟
قالا له : ما سمعتَ شيئاً.
قال : بلى واللّه ، لقد اُخبرِتُ أنكما تابعتما محمَّداً على دينه.
وبطش بختنه « سعيد بن زيد » فقامت إليه اختُه « فاطمة بنت الخطاب » لتكفَّه عن زوجها فضربها فشجَّها.
فلما فعل ذلك قالت له اخته وختنُه : نعم قد اسلمنا وآمنّا باللّه ورسوله ، فاصنعْ ما بدا لك.
فلما رأى « عمر » ما باُخته من الدَّم نَدمَ على ما صنع ، فارعوى ورجع ، وقال لاُخته : اعطيني هذه الصحيفة الّتي سمعتكم تقرأون آنفاً أنظرُ ما هذا الّذي جاء به محمَّد؟
فلما قال ذلك قالت له اُخته : إنّا نخشاك عليها. قال : لا تخافي وحلف لها بآلهته ليَرُدّنها إذا قرأها ، اليها.
فلما قال ذلك طمعتِ في اسلامه ، فقالت : يا اُخيّ ، إنك نجسٌ على شِركك وانّه لا يمسُّها إلاّ الطاهر ، فقامَ « عمر » فاغتسل ، فأعطته الصحيفة وفيها آياتٌ من سورة « طه » هي : طه. ما أنْزَلْنا عَليْكَ القُرْآنَ لِتَشْقى. إلاّ تَذكَرَةً لِمَنْ يَخْشى. تَنْزيلا مِمَّن خَلقَ الأرْضَ وَالسَماواتِ العُلى * الرَّحمن عَلى العرش اْستوى. لَهُ ما في السَماواتِ وَما في الأرْض وَما بَيْنهما وَما تَحْتَ الثرى. وإنْ تَجهَر بالقَول فانَّه يَعلَمُ السِرَّ واخفى (٢).
ولقد تركت هذه الآياتُ المحكمة الفصيحة البليغة تأثيراً شديداً في نفس عمر فقال : ما احسن هذا الكلام؟
وقرر الرجلُ ، الّذي كان قبل ثوان عدوَّ الإسلام الأول ، أن يغيّر موقفه ،
__________________
١ ـ الهينمة صوت كلام لا يُفهم.
٢ ـ طه : ١ ـ ٨.