مناسبة يستميلونهم بها ليستطيعوا من هذا الطريق التأثير على النجاشي ثم يتسنّى لهم بعد ذلك ان يقنعوه بضرورة إخراج المسلمين المهاجرين من أرضه أن يتهمونهم عنده بالسفاهة والجهل ، وابتداع دين جديد منكر ، والإرتداد عن دين الآباء والاجداد!!
ولكي تتحقق خطتهم هذه على أحسن وجه ويصلوا عن طريقها إلى افضل النتائج اختاروا من بينهم رجلين ماكرين اصبح احدُهما في ما بعد من دهاقنة السياسة وهما : « عمروُ بن العاص » ، و « عبد اللّه بن ابي ربيعة » وقال لهما كبير المؤتمرين في ذلك الدار : إدفعا إلى كل بطريق هديته قبل أن تكلّما النجاشي فيهم ، ثم قدّما إلى النجاشيّ هداياه ، ثم سلاه أن يسلّمهم إليكما قبل أن يكلمهم.
فخرج موفَدا قريش حتّى قدما على النجاشي بعد أن تلقّيا هذه التعليمات.
وهناك في الحبشة دَفعا إلى كل بطريق من بطارقة النجاشيّ وقادة جيشه ووزرائه هديته ، وقالا لكل بطريق منهم :
إنه قد ضوى (١) إلى بلد الملك منّا غُلمان سفهاء ، فارقوا دينَ قومهم ، ولم يَدخلوا في دينكم ، وجاؤوا بدين مبتدَع لا نعرفه نحن ولا انتم ، وقد بعثنا إلى المِلِك لنكلّمه في أمرهم أشرافُ قومهم ليردَّهم اليهم فاذا كلَّمنا الملكُ فيهم ، فأشيروا عليه بأن يسلّمهم إلينا ، ولا يكلّمهم ، فان قومَهم أبصر بهم ، واعلم بما عابوا عليهم.
فابدى اُولئك البطارقة والقادة والوزراء الطامعون الجهلة استعدادهم لمساعدة الرجلين في إنجاح مهمتهم.
ولما كان من غد دخلا على النجاشي وقدما هداياهما إليه فقبلها منهما ثم كلّماه فقالا له :
أيها الملك إنه قد ضَوى إلى بلدك منا غِلمان سفهاء ، فارقوا دينَ قومهم ولم
__________________
١ ـ ضوى أيّ لجأ وأتى ليلا.