الحزن (١).
ومنذ أن توفّى اللّه الحاميين العظيمين والمدافعين القويين عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم واجه رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ظروفاً صعبة جداً قلما واجهها من قبل.
فقد واجه رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم منذ حلول السنة الحادية عشر جوّاً مفعماً بالعداء له ، والحقد عليه ، وصارت الاخطار تهدد حياته الشريفة في كل لحظة ، وقد فقد كل الفرص لتبليغ الرسالة وكل امكانات الدعوة إلى دينه.
يقول ابن هشام في هذا الصدد : ان « خديجة بنت خويلد » و « أبا طالب » هلكا ( اي توفيا ) في عام واحد فتتابعت على رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم المصائب بهلك خديجة وكانت له وزيرة صدق على الإسلام ... وبهُلك عمّه أبي طالب وكان له عضداً ، وحرزاً في أمره ، ومنعةً وناصراً على قومه وذلك قبل هجرته الى المدينة بثلاث سنين ، فلما هلك أبو طالب نالت قريش من رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم من الأذى ما لم تكن تطمع به في حياة أبي طالب حتّى اعترضه سفيهٌ من سفهاء قريش فنثر على رأسه تراباً.
ولما نثر ذلك السفيه على رأس رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ذلك التراب دخل رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم بيته والتراب على رأسه ، فقامت إليه إحدى بناته فجعلت تغسل عنه التراب وهي تبكي ورسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول لها :
« لا تبكي يا بُنيَّة فإنَّ اللّهَ مانع أباك ».
ويقول بين ذلك :
« ما نالت مني قريشٌ شيئاً أكرَهُهُ حتّى مات أبو طالب » (٢).
ولأجل تزايد الضغط والكبت هذا قرر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أن ينتقل
__________________
١ ـ تاريخ الخميس : ج ١ ، ص ٣٠١ ، السيرة الحلبية : ج ١ ، ص ٣٤٧.
٢ ـ السيرة النبوية : ج ١ ، ص ٤١٥ و ٤١٦ ، بحار الأنوار : ج ١٩ ، ص ٥ عن إعلام الورى عن محمّد بن اسحاق بن يسار.