من المحيط المكي إلى محيط آخر يتسنى له تبليغ رسالته.
وحيث انَّ الطائف كانت تعتبر آنذاك مركزاً هامّاً ، لذلك رأى رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ان يسافر لوحده إلى الطائف ، ويجري بعض الاتصالات مع زعماء قبيلة ثقيف وساداتها ويعرض دينه عليهم علّه يحرز نجاحاً ويكسب انصاراً جدداً لرسالته من هذا الطريق.
ولما انتهى صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى الطائف عمد إلى نَفَر من قبيلة « ثقيف » هم يومئذ سادة ثقيف واشرافهم ، وجلس صلىاللهعليهوآلهوسلم إليهم ، ودعاهم إلى اللّه ، فلم يؤثر فيهم كلام رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم وقالوا له : لئن كنتَ رسولا من اللّه كما تقول لأنتَ أعظمُ خطراً من أردَّ عليك الكلام ، ولئِن كنت تكذب على اللّهِ ما ينبغي لي ان اكلمك!!
فعرف رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم من رَدّهم الصبياني أنهم يحاولون التملُّص من قبول الدعوة واعتناقِ الإسلام ، فقام صلىاللهعليهوآلهوسلم من عندِهِم بعد ان طلب منهم أن يكتموا ما جرى في هذا اللقاء خشية أن يعرف سفهاءُ ثقيف فيتجرأوا عليه ويتخذوا ذلك ذريعة لاستغلال غربته ووحدته ، ومن ثم إيذائه ، فوعدوه بالكتمان ، ولكنهم ـ وللاسف ـ لم يحترموا وعدهم هذا الّذي أعطوه لرسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم وأغروا به سفهاءهم وعبيدهم ، وفجأة وجد رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم نفسه محاطاً بجمع كبير من اولئك السفهاء يسبّونه ويصيحون به حتّى اجتمع الناس ، وألجأوه إلى بستان لعتبة وشيبة إبني ربيعة وهما فيه في تلك الساعة ، ورجع عنه من سفهاء ثقيف من كان يتبعه ، فعمد إلى ظل فجلس فيه وهو يتصبب عرقاً ، وقد الحقوا الاذى بمواضع عديدة من بدنه الشريف ورجلاه تسيلان من الدماء ، وابنا ربيعة ينظران إليه ويريان مالقي من سفهاء أهل الطائف ، وقد كانا من اثرياء قريش ، يومئذ.
فلما اطمأن رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم توجه إلى ربه وناجاه قائلا :
« أللّهُمَّ إلَيكَ أشكُو ضَعفَ قُوَّتي ، وَقِلَّةَ حِيلَتي ، وَهَواني عَلى النّاسِ ، يا أرحَمَ الرّاحِمين ، أنتَ رَبُّ المُستَضعَفِين ، وَأنتَ رَبّي ، إلى مَن تكِلُني ، إلى