علي عليهالسلام ، ويقول للناس أنها نزلت في حق قاتل عليّ ( أي عبد الرحمان بن ملجم المرادي ) ، ويأخذ في مقابل هذه الاكذوبة الكبرى ، وهذا الاختلاق الفضيع الّذي أهلك به دينه مائة ألف درهم.
فلم يقبل « سمرة » بهذا العرض ولكن معاوية زاد له في المبلغ حتّى بلغ اربعمائة ألف درهم ، فقبل الرجل بذلك فقام بتحريف الحقائق الثابتة ، مسوداً بذلك صفحته السوداء اكثر من ذي قبل وذلك عند ما رقى المنبر وفعل ما طلب منه معاوية (١).
وقبل السامعون البسطاء قوله ، ولم يخطر ببال أحد منهم أبداً ان ( عبد الرحمان بن ملجم ) اليمنيّ لم يكن يوم نزول الآية في الحجاز بل لعلّه لم يكن قد وُلِدَ بعد آنذاك. فكيف يصح؟!
ولكن الحقيقة لا يمكن ان تخفى بمثل هذه الحجب الواهية ، ولا يمكن ان تنسى بمثل هذه المحاولات العنكبوتية الرخيصة.
فقد تعرّضت حكومة معاوية وتعرض أهلها وانصارها للحوادث ، واندثرت آثار الاختلاق والافتعال الّذي وقع في عهده المشؤوم ، وطلعت شمس الحقيقة والواقع من وراء حجُبُ الجهل والافتراء مرة اُخرى ، واعترف اغلبُ المفسرين الأجلّة (٢) والمحدّثين الافاضل ـ في العصور والادوار المختلفة ، بأن الآية المذكورة نزلت في « ليلة المبيت » في بذل علي عليهالسلام ومفاداته النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بنفسه (٣).
__________________
١ ـ لاحظ شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد : ج ٤ ، ص ٧٣.
٢ ـ شرح نهج البلاغة : ج ١٣ ، ص ٢٦٢ ، ولقد أعطى ابن ابي الحديد حقّ الكلام حول هذه الفضيلة.
٣ ـ سمرة بن جندب من العناصر المجرمة في الحكومة الاموية ، ولم يكتف سمرة بتحريف الحقائق وقلبها بما ذكرناه ، بل أضاف إلى ذلك ـ حسب رواية ابن ابي الحديد ـ أمراً آخر أيضاً إذ قال : ونزل في شأن « عليّ » قول اللّه : « وَمِنَ الناس من يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ في الحَياةِ الدُنيا ويشهدُ اللّه على ما في قلبهِ وَهُو ألَدُّ الخِصام » ( البقرة : ٢٠٤ ).
ومن جرائم هذا الرجل انه قتل يوم وُلّيَ البصرة على عهد زياد بن أبيه العراق ثمانية آلاف