هو الكثير الجاري ، فلا مانع من تقييدها بما لا ينافي الأخبار الخاصّة.
ومنها : لزوم الحرج الشديد والعسر الأكيد على تقدير الالتزام بنجاسة البئر بمجرّد الملاقاة ، خصوصا في البلاد التي ينحصر ماؤها في البئر ، لأنّ الغالب نجاسة أطراف البئر وحواشيها في أغلب الأوقات ، وقلّما تنفك البئر عن ملاقاة الحبل النجس والترشّحات الواقعة فيها من أطرافها ، ولذا قال كاشف الغطاء ـ في ما حكي (١) عنه ـ ما حاصله : أنّ من لا حظ ذلك لم يحتج إلى النظر في الأخبار خاصّها وعامّها ، ونعم ما قال :فالإنصاف أنّ هذا الوجه مؤيّد قوّي للقول بالطهارة.
ومنها : أنّه انعقد إجماع المتأخّرين في هذه الأعصار ممّا يقرب من ثلاثمائة سنة ، فإجماعهم حجّة ، ولا يعارضه إجماع القدماء على النجاسة ، لأنّه بالنسبة إلينا منقول ، فلا اعتماد عليه ، خصوصا مع العثور على المخالف.
وفيه ـ بعد الإغماض عن أنّ هذا الإجماع أيضا كإجماع القدماء بالنسبة إلينا منقول ـ أنّ حجّية الإجماع لدينا إنّما هي لكشفه عن قول الحجّة ، ولا ملازمة بين إجماع المتأخّرين وبين صدور الحكم عن الحجّة إلّا بقاعدة اللطف ولا نقول بها.
وقد ذكروا وجوها أخر مرجعها إلى ترجيح أخبار الطهارة ، لموافقتها للكتاب والسنّة ، ومخالفتها للعامّة ، وعدم إمكان الأخذ بظواهر أخبار
__________________
(١) الحاكي هو الشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ٢٧ ، وراجع كشف الغطاء : ١٩٣.