وجدوه بالاعتبار من كون الأرطال أقلّ من أربعين شبرا فليس منافيا للتحديد بثلاثة أشبار ونصف ، لما عرفت من وجوب مراعاة أخفّ الأفراد من المياه وأقصر الأشبار من الأشخاص المتعارفة في نصبه طريقا إلى معرفة الكرّ وإلّا لتخلّف في كثير من الموارد.
والحاصل : أنّ تخلّف الأرطال عن الأشبار بأن تكون الأرطال أعمّ وجودا غير ضائر بعد ما عرفت من أنّ الأشبار طريق تقريبي ، بل الإنصاف أنّه مؤكّد للوثوق بهذه الرواية بحيث لو كان لها معارض مكافئ من جميع الجهات مطابق لما وجدوه من الأرطال ، لكان العمل بهذه الرواية عندي أرجح ، لما ذكرت من امتناع تحديد الكرّ حقيقة بالأشبار بحيث يدور مدارها وجودا وعدما ، فلا بدّ من كونها كاشفة عن وجود الكرّ ، فيجب حينئذ مراعاة أخفّ مصاديق الماء وأقصر الأشبار المتعارفة ، واجتماع كلا الوصفين في مورد اختيارهم مظنون العدم ، والله العالم.
(ويستوي في هذا الحكم) أي في عدم نجاسة الكرّ ، بل وغيرها من الأحكام المتقدّمة (مياه الغدران والحياض والأواني على الأظهر) بل الظاهر كما هو المشهور شهرة كادت تكون إجمالا ، لعموم الحكم المستفاد من إطلاقات الأدلّة الدالّة على عدم انفعال الكثير بالملاقاة ، بل المتأمّل فيها لا يكاد يرتاب في عدم اختصاص الحكم المستفاد منها بمورد دون آخر.
مضافا إلى ما في بعضها من التصريح بعدم انفعال الحوض الكبير بولوغ الكلب (١) ، وفي بعضها التمثيل للكرّ من الماء بالحبّ الموجود
__________________
(١) الكافي ٣ : ٢ ـ ٢ ، التهذيب ١ : ٣٩ ـ ١٠٧ ، الإستبصار ١ : ٦ ـ ١ ، الوسائل ، الباب ٩ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ١.