وهذا المعنى وإن كان خلاف ظاهر الحدّ إلّا أنّ نفس جعل هذه الأمور حدّا قرينة قطعية على ذلك ، إذ من المعلوم الذي لا يعتريه شك أنّه لو كان مصداق من الماء يبلغ المساحة المعتبرة بشبر من هو من مستوي الخلقة وينقص عنها بمقدار رطل بشبر آخر ممّن هو أيضا من مستوي الخلقة مع فرض اتّحاد حكمهما في هذا الموضوع لا يعقل أن يجعل الشارع شبر كلّ منهما حدّا لهذا الموضوع.
هذا في الأشبار وأشباهها ، وأمّا الأرطال فالظاهر كونها تحديدا حقيقيا.
أمّا أوّلا : فلعدم الداعي على صرف أدلّتها عن ظواهرها ، لكونها عيارا مضبوطا في حدّ ذاتها لا يقبل الزيادة والنقصان.
وثانيا : فلأنّ في نفس التحديد بالأرطال إشارة إلى كونها بيانا للموضوع الواقعي ، لعسر معرفتها بالاختيار ، فلا يناسب أن تجعل طريقا ظاهريا لمعرفة ما هو الموضوع النفس الأمري ، وحيث إنّ الأرطال التي هي حدّ واقعي للكرّ من الماء لا يمكن معرفتها لغالب الناس بل لجميعهم في أغلب موارد حوائجهم كالبراري والصحاري ، يجب على الشارع الحكيم أن يرشدهم إلى ما يعرّفهم مقدار الكرّ بحيث يسهل عليهم معرفته ، فتارة أرشدهم إلى حبّة واخرى إلى غيره من التقريبات التي يسهل تناولها في مقام الحاجة ، ولا بدّ من أنّ يراعي الشارع الحكيم حال إرشادهم إلى طريق من هذه الطرق بعلمه المحيط جميع شتات المصاديق ، ويدلّهم على معرّف يكون حاويا للكرّ في تمام المصاديق المتعارفة ، سواء كان الماء خفيفا أو ثقيلا ، والشبر قصيرا أو طويلا ، فما