وإن قلنا : إنّه لا يستفاد من العقل ولا من أخبار الاحتياط استحباب الفعل شرعا ، وإنّما الأمر المستفاد منها إرشادي محض كأوامر الإطاعة والمعصية ، فلا يكون الفعل المأتي به ـ على تقدير عدم محبوبية الفعل ـ بعنوانه الخاص حسنا يستحقّ لأجله الثواب ، يشكل إطلاق القول باستحبابه ، لما عرفت من استلزامه التشريع ، لأنّ المقلّد ينوي القربة والامتثال بفعل لم يعلم كونه مقرّبا ، فعلى المجتهد إعلامه ليأتي بالفعل ، لاحتمال المطلوبية حتى لا يكون مشرّعا ، ولتمام الكلام مقام آخر.
وعسى أن تظفر في بعض المقامات المناسبة بما يوضّح لك بعض ما أجملناه في المقام ، كما ستقف إن شاء الله تعالى مفصّلا على مدرك الحكم باستحباب الوضوء في كثير من الموارد المذكورة ، بل ربما تطّلع على استحبابه في غير هذه الموارد أيضا ، كمن توضّأ ولم يذكر اسم الله تعالى على وضوئه ، فإنّه تستحب إعادته على الأظهر ، والله العالم. (والواجب من الغسل ما كان) مقدّمة (لأحد الأمور الثلاثة) المتقدّمة (أو لدخول المساجد ، أو لقراءة) شيء من سور (العزائم) يعني ما كان مقدّمة لإباحتهما (إن وجبا. وقد يجب) الغسل بل يتضيّق وجوبه (إذا بقي لطلوع الفجر من يوم يجب صومه بقدر ما يغتسل الجنب) لتوقّف صحة الصوم وجواز الأمور المتقدّمة عليه ، كما يتّضح لك في محلّه.
وقد عرفت أنّ ما يتوقّف عليه الواجب واجب عقلا ، فوجوب الغسل لأجل الأمور المذكورة بعد أن ثبت توقّفها عليه ممّا لا شبهة فيه ،