وعن المصنّف ـ رحمهالله ـ في المعتبر بعد نسبة هذا القول إلى الشيخ وأتباعه ، واعترافه بعدم الوقوف على نصّ في هذه الدماء بالخصوص ، قال : ولعلّ الشيخ نظر إلى اختصاص دم الحيض بوجوب إزالة قليله وكثيره من الثوب ، فغلّظ به حكمه في البئر ، وألحق به الدمين الآخرين ، لكنّ هذا التعليل ضعيف ، فالأصل أنّ حكمه حكم بقيّة الدماء ، عملا بالأحاديث المطلقة (١). انتهى.
وربما نوقش في وجود أحاديث مطلقة في حكم الدم ، لأنّ أغلب أخباره وردت في موارد خاصّة مثل دم الطير والشاة ودم الرعاف ، وما عداها يمكن دعوى انصرافها إلى ما عدا الدماء الثلاثة.
أقول : دعوى الانصراف قابلة للمنع ، فالقول بالتسوية بين الدماء وجيه.
وأوجه منه الالتزام بكون نزح الجميع أفضل ، استنادا إلى الإجماعين المنقولين ، والله العالم. (أو مات فيها بعير) إجماعا ، كما عن غير واحد نقله. ويدلّ عليه صحيحة الحلبي ، المتقدّمة (٢) ، بل وكذا صحيحة ابن سنان حيث قال فيها :«وإن مات فيها ثور أو نحوه أو صبّ فيها خمر فلينزح» (٣) لكون البعير
__________________
(١) حكاه عنه العاملي في مدارك الأحكام ١ : ٦٥ ، وانظر : المعتبر ١ : ٥٩.
(٢) تقدّمت في ص ١٨١.
(٣) التهذيب ١ : ٢٤١ ـ ٦٩٥ ، الإستبصار ١ : ٣٤ ـ ٩٣ ، الوسائل ، الباب ١٥ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ١.