تفصيل ، لا ترى تهافتا وتنافيا بين مفاديهما أصلا ، فلو كان ظاهرها التعليق وبيان أنّ عدم الانفعال مشروط بالكرّية لكان التنافي بينهما في بادئ النظر بيّنا.
وما تراه فيها من الدلالة على أنّ ما عدا الكر ينفعل في الجملة فليس منشؤها كون القضية شرطية ، بل إنّما هي لأجل أخذ الكرّية قيدا للموضوع في مقام إعطاء القاعدة ، فيستفاد منه أنّ غير الكرّ ليس له هذا الحكم بإطلاقه ، وأمّا أنّ مطلقه ينفعل فلا يستفاد منه.
نعم ، يستفاد ذلك من صحيحة إسماعيل بن جابر ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الماء الذي لا ينجّسه شيء ، فقال : «كرّ» (١) فإنّ تخصيص الكرّ بالذكر في مثل المقام يدلّ على اختصاص الحكم به ، إلّا أنّ هذه الدلالة ليست بحيث تقاوم شيئا من الأدلّة ، كما لا يخفى.
وقد ظهر ممّا تقدّم أنّ الماء الجاري بل كلّ ماء ذي مادّة لا ينجّسه شيء من النجاسات (إلّا) أن يتغيّر (باستيلاء) أثر عين (النجاسة) ولو في ضمن متنجّس (على أحد أوصافه) الثلاثة المعهودة في النصّ والفتوى ، وهي : الطعم والريح واللون.
أمّا نجاسة الجاري بذلك بل جميع المياه فلا خلاف فيها ظاهرا ، بل في الجواهر : عليها الإجماع محصّلا ومنقولا كاد يكون متواترا (٢).
__________________
(١) الكافي ٣ : ٣ ـ ٧ ، التهذيب ١ : ٣٧ ـ ١٠١ ، الإستبصار ١ : ١٠ ـ ٧ ، الوسائل ، الباب ٩ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ٧.
(٢) جواهر الكلام ١ : ٢٥٠.