الموضوع المستصحب ، وقد تقرّر في محلّه أنّ إحراز الموضوع من مقوّمات الاستصحاب ، وأمّا على الثاني فالموضوع إنّما هو نفس الحيوان الذي علم نجاسته سابقا وشكّ في ارتفاعها في الزمان اللاحق ، والشكّ إنّما نشأ من الشكّ في زوال العين الذي هو مطهّر شرعي على الفرض ، فيجب الحكم ببقاء نجاسته إلى أن يعلم بتحقّق المزيل.
ولكنه يمكن أن يقال : إنّه يظهر من رواية عمّار : إناطة الحكم بالعلم بوجود القذر في منقارها بالفعل حيث قال : «فإن لم تعلم أنّ في منقارها قذرا توضّأ منه» فعلى هذا تنتفي هذه الثمرة أيضا ، فليتأمّل (١).
(و) يكره سؤر (الحائض) مطلقا ، كما عن الشيخ في المبسوط
__________________
(١) قوله : فليتأمّل ، إشارة إلى أنّه يمكن أن يقال : إنّ استصحاب بقاء القذر حاكم على هذه الرواية ، لأنّه بمنزلة العلم بالبقاء ، والمفروض عدم جريانه إلّا على أحد التقديرين.
ويتوجّه عليه أنّه إذا كان موضوع الحكم هو العلم بوجود القذر ، كما هو ظاهر الرواية وقلنا : إنّ الاستصحاب بمنزلة العلم تعبّدا ، فيمكن إحرازه بالأصل مطلقا سواء قلنا بأنّ المحلّ ينفعل بملاقاته أو لا ، كما لا يخفى على المتأمّل ، فتنتفي الثمرة على كلّ تقدير.
لا يقال : إنّ المناط في التنجيس على تقدير عدم انفعال المحلّ هو ملاقاة السؤر النجس ، وهي مشكوكة ، فلا يمكن إحرازها بالأصل ، إذ لا اعتداد بالأصول المثبتة ، وأمّا على تقدير الانفعال ، فلا حاجة إلى إحراز ملاقاته النجس ، بل يكفي فيه إحراز نجاسة المنقار المعلوم ملاقاته له ، فمتى أحرزها في المنقار بالأصل ترتّب عليه أثره ، وهو نجاسة ملاقية.
لأنّا نقول : ظاهر الرواية دوران نجاسة السؤر مدار ملاقاته لمنقار يكون فيه عين القذر ، ولا يتفاوت الحال في ذلك بين أن يكون مناط نجاسته ملاقاته للمنقار المشتمل على القذر أو لنفس القذر من حيث هي في كون الأصل مثبتا على كلّ تقدير ، فليتأمّل. (منه رحمهالله).