إنّما هو العاجز الواقعي بأشخاصه لا بعنوانه ، ولا يحكم العقل بالمعذورية إلّا بعد إحرازه العجز ، وما لم يحرزه فالمرجع أصالة العموم.
ومجرّد احتمال كونه من المصاديق التي يكون فيها معذورا بحكم العقل لا يوجب رفع اليد عن المقتضيات الثابتة بالأدلّة العامّة.
هذا مع أنّ التقييد فيما نحن فيه ليس بالنسبة إلى الأدلّة الواقعيّة حتى يتوهّم كونه من قبيل الشبهات المصداقية ، بل مرجعه إلى كون الجهل عذرا في مقام الامتثال ، فلا بدّ من إحراز المعذوريّة ، وإلّا فيجب الاجتناب عقلا تحرّزا عن العقاب المحتمل ، فلاحظ وتدبّر فيما ذكرناه ، فإنّه دقيق نافع جدّا.
الأمر الثالث : مقتضى إطلاق النصّ ومعاقد الإجماعات : وجوب التيمّم مع انحصار الماء في المشتبهين ، سواء أمكن الجمع بينهما ـ بحيث يقطع بوقوع صلاته مع الطهارة الواقعية ـ حدثا وخبثا ، أم لا ، فهل هذا الحكم بإطلاقه على وفق القاعدة ليتعدّى إلى ما لا يشمله النصّ أم لا؟
والتحقيق : أنّه إن قلنا بحرمة الطهارة بالنجس حرمة ذاتية ، فلا تأمّل في وجوب التيمّم مطلقا ، لا لمجرّد تغليب جانب الحرمة ، كما حكي عن غير واحد (١) حتّى يتكلّف في توجيهه في خصوص المقام على المختار من لزوم تغليب ما هو الأهمّ شرعا لا خصوص جانب الحرمة ، بل لأنّ ارتكاب المحرّم محظور شرعا ، والمانع الشرعي كالعقلي ، فينتقل الفرض إلى التيمم ، والوضوء إنّما وجب في حال الاختيار ، فلا يزاحم تكليفا
__________________
(١) الحاكي هو الشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ٤٣.