بالتقريب الذي عرفته في مسألة إتمام الماء كرّا من دعوى ظهوره في أنّ كون الماء كرّا مانع عن كون الخبث محمولا عليه مطلقا ، وقد ثبت تقييده بما إذا لم يكن الماء متغيّرا بالنجاسة ، وأمّا في سائر الأحوال فلا ، فيجب الاقتصار في رفع اليد عن الإطلاق على القدر الثابت.
وفيه : أنّ الاستدلال بالرواية بعد قبول سندها مبني على تسليم دلالتها على المدّعى ، وقد عرفت منع دلالتها إلّا على ما يدلّ عليه قوله عليهالسلام : «إذا كان الماء كرّا لا ينجّسه شيء» (١) أعني ظهورها في عدم حدوث النجاسة فيه لا في الأعمّ منه ومن الرفع ، فراجع.
ثم إنّه قد تكاثرت الأخبار وتظافرت في تقدير الكثرة المعتبرة في عدم انفعال الماء بكونه كرّا.
(والكرّ) في الأصل مكيال معروف ، وقد غلب استعماله في عرف الشارع والمتشرعة في الماء الذي وزنه (ألف ومائتا رطل) على المشهور ، بل في محكي الغنية الإجماع عليه (٢) ، وعن ظاهر المعتبر والمنتهى وصريح غيرهما عدم الخلاف فيه (٣).
ويدلّ عليه ما رواه ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «الكرّ من الماء الذي لا ينجّسه شيء ألف ومائتا رطل» (٤).
__________________
(١) الكافي ٣ : ٢ ـ ٢ ، الفقيه ١ : ٨ ـ ١٢ ، الاستبصار ١ : ٦ ـ ١ ، و ٢٠ ـ ٤٥ ، الوسائل ، الباب ٩ من أبواب الماء المطلق ، الأحاديث ١ و ٢ و ٦.
(٢) الحاكي عنها الشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ٢٣ ، وراجع : الغنية (ضمن الجوامع الفقهية) : ٤٨٩ ، والمعتبر ١ : ٤٧ ، ومنتهى المطلب ١ : ٧.
(٣) الحاكي عنها الشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ٢٣ ، وراجع : الغنية (ضمن الجوامع الفقهية) : ٤٨٩ ، والمعتبر ١ : ٤٧ ، ومنتهى المطلب ١ : ٧.
(٤) التهذيب ١ : ٤١ ـ ١١٣ ، الإستبصار ١ : ١٠ ـ ١٥ ، الوسائل ، الباب ١١ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ١.