بترتّب أحكامها الشرعية عليها ، ولتتميم الكلام مقام آخر ، والله العالم.
(وما كان منه) أي من الماء المحقون (كرّا فصاعدا لا ينجس) بشيء من النجاسات (إلّا أن تغيّر النجاسة) أو المتنجّس المتغيّر بها بصفته المكتسبة من النجس (أحد أوصافه) الثلاثة أي : الطعم والريح واللون ، فينجس المتغيّر بلا خلاف فيهما نصّا وإجماعا عدا ما نسب (١) إلى المفيد وسلّار من اختصاص الحكم الأول بما عدا ماء الأواني والحياض ، وسيتّضح لك ضعفه إن شاء الله.
وأمّا الماء الغير المتغيّر المتّصل بالمتغيّر فإن كان عاليا جاريا ، لا ينجس مطلقا ، لما عرفت ـ في ما تقدم ـ من أنّ النجاسة لا تسري إلى العالي.
وإن كان مساويا أو أسفل ، فإن لم يكن بنفسه كرّا ولا متقوّيا بماء آخر ، ينجس ، لكونه ماء قليلا ملاقيا للنجس.
وإن كان بنفسه كرّا أو متقوّيا بماء آخر ، اختصّت النجاسة بالمتغيّر ، للأخبار الكثيرة الدالّة على جواز الاستعمال من الناحية التي لم تتغيّر ، مضافا إلى عدم الخلاف فيه.
وإنّما الإشكال في تعيين موضوع الحكم كمّا وكيفا ، أعني تشخيص الماء الذي يتقوّى بعضه ببعض ، ولا ينفعل بملاقاة النجاسة أو بالاتّصال بالجزء المتغيّر ، أمّا من حيث الكمّ فسيأتي الكلام فيه ، وأمّا من حيث
__________________
(١) الناسب هو صاحب الجواهر فيها ١ : ١٥٤ و ١٨٥ ـ ١٨٦ ، وراجع : المقنعة : ٦٤ والمراسم : ٣٦.