نعم يمكن أن يمنع الاستصحاب رأسا في مثل المقام بدعوى : أنّا نعلم تفصيلا بأنّ الغسل بالماء الثاني أثّر في المحلّ أثرا شرعيّا ضدّ ما كان له سابقا ، ولكنّه نشكّ في أنّه هل أثّر فيه الطهارة أو النجاسة ، ولا يمكن تعيين ما حدث بالأصل ، والشكّ فيه مسبّب عن الشكّ في طهارة الماء ونجاسته ، وحيث لا أصل يحرز به شيء من الوصفين للماء ـ كما هو المفروض ـ فلا بدّ من الرجوع إلى الأصل الجاري في نفس المسبّب ، وهي قاعدة الطهارة لا استصحابها ، إذ ليس للمحلّ حالة سابقه متيقّنة حتّى تستصحب ، وسيمرّ عليك في مسألة : من تيقّن الطهارة والحدث وشكّ في المتأخّر منهما بعض ما له ربط تامّ بالمقام ، فتبصّر.
الأمر الخامس : لو لاقى أحد المشتبهين جسم طاهر ، فمقتضى الأصل : طهارته.
هذا إذا لم يكن للآخر أيضا ملاق في عرض هذا الملاقي ، وإلّا يجب الاجتناب عن الملاقيين أيضا ، للعلم الإجمالي بنجاسة أحدهما بملاقاة النجس الواقعي ، فالأصل في كلّ منهما معارض بجريانه في الآخر.
وكذا يشترط في عدم وجوب الاجتناب عن الملاقي عدم قيامه مقام الملاقي ـ بالفتح ـ في كونه طرفا للعلم الإجمالي المنجّز للتكليف ، كما لو فقد الماء الملاقي ـ بالفتح ـ قبل حصول العلم الإجمالي وتنجّز الخطاب بالاجتناب ، فإنّه بعد أن علم أنّ الماء المفقود الذي لاقاه ثوبه الطاهر مثلا كان طرفا للشبهة يعلم إجمالا بأنّ الطرف الآخر إمّا نجس أو