آخر ، فاستصحاب النجاسة السابقة المعلومة قبل الغسل معارض بالمثل ، واستصحاب النجاسة المعلومة بالإجمال عند إصابة القطرة سليم عن المعارض.
والحاصل : أنّ عدم كون العلم الإجمالي مؤثّرا في تنجيز تكليف إنّما ينفع في جريان الأصل المنافي له في بعض أطراف الشبهة ممّا هو مورد ابتلاء المكلّف ، لا أنّه لو شكّ في بقاء ذلك المعلوم بالإجمال واحتيج إلى استصحابه لم يجر استصحابه ، فالمانع عن جريانه في المثال ـ كما في ما نحن فيه ـ ليس إلّا ابتلاؤه بمعارضة استصحاب الطهارة المتيقّنة بعد الغسل.
وقد يقال فيما نحن فيه : إنّ الثوب بعد الغسل بالماءين المشتبهين محكوم بالنجاسة بدعوى : أنّ نجاسة هذا الثوب عند غسله بالماء الثاني في أوّل زمان الملاقاة معلومة بالتفصيل ، وكونها بسبب سابق على الغسل بالماء الثاني غير معلوم ، فتأثير هذه الغسلة في زوال النجاسة الثابتة حال الملاقاة غير معلوم ، فالأصل بقاؤها.
وفيه : أنّ هذه الدعوى معارضة بأنّ حصول طهارة لهذا الثوب بعد تمام الغسلتين معلوم إجمالا ، وسبقها على أوّل زمان الملاقاة غير معلوم ، فالأصل بقاؤها ، ولا فرق في المستصحب بين كونه معلوما بالإجمال أو بالتفصيل حتى يصلح فرض النجاسة في أوّل زمان الغسلة الثانية معلومة بالتفصيل مانعا عن استصحاب الطهارة ، فلا محيص عن معارضة كلّ من الأصلين بالآخر ، وتساقطهما.