التدقيق في تحقيق مقدار ما يجب نزحه لكلّ من النجاسات على القول بالوجوب ، وكذا تنقيح ما يتبع الماء في الطهارة من الآلات وحواشي البئر وما يغتفر من القطرات النازلة من الدلو والرشحات الواقعة في البئر إلى غير ذلك من الفروع الخفية التي لا بدّ من تحقيقها على القول بالنجاسة.
وحيث إنّك عرفت في صدر الكتاب أنّ أدلّة السنن تتحمّل من المسامحة ما لا تتحمّلها أدلّة العزائم ، فالأولى على ما اخترناه من استحباب النزح هو الاقتصار في المقام على نقل الروايات الواردة وغيرها ممّا يصلح أن يكون مدركا لإثبات الاستحباب ، وقد أشرنا ـ في ما سبق ـ أنّ أحسن وجوه الجمع بين الأخبار المختلفة حملها على اختلاف مراتب الاستحباب ، والله العالم.
ولمّا رجّح المصنّف رحمهالله القول بالنجاسة قال : (وطريق تطهيره بنزح جميعه إن وقع فيها مسكر).
والمراد بالمسكر هنا : ما كان مائعا بالأصالة ، وإطلاق العبارة يقتضي عدم الفرق بين قليله وكثيره ، وبه صرّح المتأخّرون على ما في المدارك (١).
ويدلّ عليه صحيحة معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله عليهالسلام : في البئر يبول فيها الصبيّ أو يصبّ فيها بول أو خمر ، فقال : «ينزح الماء كلّه» (٢).
__________________
(١) مدارك الأحكام ١ : ٦٢.
(٢) التهذيب ١ : ٢٤١ ـ ٦٩٦ ، الإستبصار ١ : ٣٥ ـ ٩٤ ، الوسائل ، الباب ١٥ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ٤.