(وهل يعتبر في انفعال الماء استيلاء النجاسة عليه بظهور أوصافها فيه ، أم يكفي تغيّر الماء بوقوعها فيه ولو بحدوث صفة أخرى مغايرة لصفتي الماء والنجاسة؟) وجهان ، أظهرهما : الثاني ، لأنّ المستفاد من أكثر الأخبار إناطة الحكم بتغيّر الماء لا بظهور أوصاف النجاسة فيه.
وقيل في تقريب الوجه الأول : بأنّ المتبادر من التغيّر التغيّر بلون النجاسة.
وردّ بأنّ الانصراف بدوي منشؤه غلبة الوجود.
والأولى منع الانصراف مطلقا ، وإنّما ينصرف إلى الذهن انصرافا بدويا في خصوص النجاسات التي يكون تغيّر الماء بها مسبّبا عن تفرّق أجزائها ، وأمّا في مثل الميتة ونحوها ممّا يؤثّر في تغيّر لون الماء وطعمه بالخاصية ـ كما هو أغلب موارد الأخبار ـ فليس فيها انصراف أصلا ، بل لا يلتفت الذهن إلى اتّحاد وصفيهما.
نعم ، بالنسبة إلى التغيّر بالريح لا يبعد الانصراف البدوي مطلقا.
وما يمكن أن يستدلّ به لهذا الوجه : تعليق الحكم في بعض الأخبار بغلبة ريح الجيفة على الماء ، مثل خبر سماعة عن أبي عبد الله عليهالسلام ، عن الرجل يمرّ بالماء وفيه دابّة ميتة قد أنتنت ، قال : «إذا كان النتن الغالب على الماء فلا تتوضّأ ولا تشرب» (١).
__________________
(١) التهذيب ١ : ٢١٦ ـ ٦٢٤ ، الإستبصار ١ : ١٢ ـ ١٨ ، الوسائل ، الباب ٣ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ٦.