وفيه : أنّه جار مجرى العادة ، وليس له ظهور ينافي المطلقات ، كيف ولو كان المدار على ظهور وصف النجاسة في الماء ، للزم الحكم بطهارة الماء الذي وقع فيه الجيفة أو غيرها من النجاسات المغيّرة للماء بالخاصية لا بتفتّت أجزائها ، إلّا بعد العلم بمماثلة صفة الماء والنجس ، وهو غير حاصل غالبا في مثل الفرض ممّا كان التغيير فيه بالخاصية ، لجواز تخلّفها في الكيفية ، فيرجع على تقدير الشك ـ كما هو الغالب بالنسبة إلى الطعم ـ إلى قاعدة الطهارة ، مع أنّه لا يكاد يرتاب أحد في مخالفته لما أريد من الأخبار فضلا عن ظاهرها ، فلو حدث في الماء صفرة لوقوع قليل الدم فيه ، نجس على الأقوى ، والله العالم.
ولا يكفي في انفعاله التغيّر التقديري كما عن المشهور (١) ، بل يعتبر أن يكون فعليا ، لإناطة الحكم به في ظواهر الأدلّة ، وهو عبارة عن تبدّل كيفية الماء بالفعل ، فلو وقع فيه مقدار من النجس بحيث لو لم يكن موافقا له في الصفة لانفعل ، لا ينجس من دون فرق بين أن يكون المانع عن التغيير اتّحادهما في الأوصاف ذاتا بمقتضى طبيعتهما النوعية كالماء الصافي مع البول ، أو في خصوص شخص باعتبار صفته الأصلية ، كماء النفط والكبريت الموافق لبعض النجاسات في صفتها ، أو لعارض في النجس ، كما لو أزيل صفته بهبوب الرياح ، أو في الماء ، كما لو صبغ بطاهر أحمر فاريق فيه الدم ، فالأظهر عدم انفعال الماء في جميع الصور ، خلافا للمحكي عن العلّامة وجماعة ممّن تأخّر عنه (٢).
__________________
(١) حكاه البحراني في الحدائق الناضرة ١ : ١٨١.
(٢) حكاه عنهم صاحب الجواهر فيها ١ : ٧٧.