قال في محكي القواعد والمنتهى : لو وافقت النجاسة الماء في صفاته ، فالأقرب الحكم بنجاسة الماء إن كان يتغيّر بمثلها على تقدير المخالفة ، وإلّا فلا.
ويحتمل عدم التنجيس ، لعدم المقتضى ، وهو : التغيّر (١). انتهى.
وربما يوجّه هذا القول : بأنّ نجاسة الماء مسبّبة عن غلبة النجاسة الواقعة فيه ، بمعنى : أنّ الشارع جعل غلبة النجاسة سببا لانفعال الجاري ، والتغيّر كاشفا عنه ، والمانع إنّما يمنع عن ظهور وصف التغيّر لا عن تأثير ما هو علّة تامّة للتنجيس ، فإذا أحرز وجوده بأمارة أخرى ـ كما هو المفروض ـ نحكم بثبوت أثره ولو لم يحصل تغيير بالفعل (٢).
وفيه : أنّ الظاهر من الأخبار كون التغيّر بنفسه مؤثّرا في التنجّس لا أنّه كاشف عن وجود المؤثر.
ثم إنّ مراده من هذه العبارة بيان الحكم في غير الصورة الأخيرة ، حيث إنّ مفروضه ما لو وافقت النجاسة الماء في صفاته الأصلية ، فلا وجه لما أورده عليه جامع المقاصد ـ في ما حكي عنه ـ من أنّ حقّ العبارة أن يقول : لو وقعت نجاسة مسلوبة الصفات ، لأنّ موافقة النجاسة للماء في الصفات صادقة على نحو الماء المتغيّر بطاهر أحمر إذا وقع فيه دم ، فيقتضي ثبوت التردّد في تقدير المخالفة في هذه الصورة ، وينبغي القطع
__________________
(١) حكاه الشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ٦ ، وراجع : قواعد الأحكام ١ : ٤ ومنتهى المطلب ١ : ٨.
(٢) هذا التوجيه من فخر المحقّقين في إيضاح الفوائد ١ : ١٦.