يظهر من بعضهم على ما حكي عنهم.
وقيل : إنّ المراد بالجاري هو الماء السائل مطلقا ، نظرا إلى صحة إطلاقه على المياه الجارية من ذوبان الثلج (١).
وفيه : أنّ الإطلاق بحسب الظاهر مجاز ، لعدم الاطّراد ، إذ لا يطلق الماء الجاري على الماء المنصب من الإبريق ونحوه ، بل وكذا الجاري من ذوبان الثلج أيضا إذا كان قليلا ، فإنّه ينصرف عنه الإطلاق جزما ، بل يصحّ سلب الاسم عنه عرفا ، وإطلاق الجاري عليه بالفعل غير صدق الماء الجاري عليه على الإطلاق.
هذا ، مع تصريح غير واحد من الأساطين ـ على ما حكي (٢) عنهم ـ بعدم الخلاف في كون السائل من غير نبع راكدا ، فلا ينبغي التأمّل في اختصاص الحكم المخصوص بالجاري بغير مثل الفرض.
نعم ، الأظهر كون العيون الواقفة التي ليس لها جريان فعلي ـ لضعف موادها ـ في حكم الجاري من حيث عدم انفعال قليله بمجرّد ملاقاة النجاسة ، بمقتضى عموم التعليل المستفاد من الصحيحة الآتية وغيرها من الأخبار الدالّة على أنّ المادة عاصمة عن الانفعال ، كما سيتّضح لك في ما بعد إن شاء الله.
وأمّا حكم الجاري (ف) هو أنّه (لا ينجس) كثيره ولا قليله بمجرّد
__________________
(١) كما في كتاب الطهارة للشيخ الأنصاري : ٢ ، وراجع : مستند الشيعة ١ : ٥.
(٢) الحاكي هو العاملي في مفتاح الكرامة ١ : ٦١ ، وراجع : مدارك الأحكام ١ : ٢٨ ، ومجمع الفائدة والبرهان ١ : ٢٥٠.