بقاء نجاسته بعد الانفصال إلى أن يرفعه رافع من غير أن يتجدّد فيه سبب يقتضي البقاء كونه كذلك أيضا قبل انفصاله ، إذ لا يعقل أن يكون للانفصال دخل في صيرورته كذلك ، لأنّه أمر عدمي يمتنع أن يكون من أجزاء علّة الموجود ، كما تقرّر في محلّه ، وسنشير إليه في مبحث المضاف ، فيكشف ذلك عن أنّ كلّ جزء من أجزاء الكرّ بعروض وصف التغيّر يتأثّر أثرا لو خلّي الجزء ونفسه (وانفصل عن غيره من الأجزاء) (١) لبقي ذلك الأثر ، وإنّما نشأ الشك في بقائه حين انضمامه مع سائر الأجزاء عند زوال وصف التغيّر عن المجموع من احتمال أنّ للاجتماع وتقوّي بعض الأجزاء ببعض الذي هو صفة وجودية تأثيرا في رفع ذلك الأثر ، وهذه عبارة أخرى عمّا ذكرنا من أنّ الشك في بقاء النجاسة بعد زوال التغيّر مسبّب عن الشك في رافعية الكرّ ، فليتأمّل.
ومن الأصحاب من نفي حجيّة الاستصحاب مطلقا ، ولكنه تشبّث به في المقام بدعوى أنّ مرجعه إلى عموم الأدلّة الدالّة على نجاسته بالتغيّر ، فإنّها شاملة لتلك الحالة وما بعدها ، فيقف زوالها على ما عدّه الشارع مطهّرا.
وفيه : أنّه لا إطلاق لتلك الأدلّة بالنسبة إلى أحوال الفرد ، ففي موارد الشك يجب الرجوع إلى الأصول ، فمن لم يقل بحجية الاستصحاب يلزمه القول بالطهارة ، لقاعدتها.
وقد يستدلّ للطهارة : بقوله عليهالسلام : «إذا بلغ الماء كرّا لم يحمل خبثا» (٢)
__________________
(١) ما بين القوسين مشطوب عليه في «ض ١ ، ٢».
(٢) عوالي اللآلي ١ : ٧٦ ـ ١٥٦.