ويدفعها : أنّ معروض النجاسة ـ على ما يساعد عليه العرف ، ويستفاد من ظواهر الأدلّة ـ إنما هو نفس الماء ، ونغيّره علّة لانفعاله ، والشك إنّما نشأ من احتمال أنّ بقاء النجاسة أيضا كحدوثها مسبّب عن فعلية التغيّر بحيث تدور مداره ، أو أنّ التغيّر ليس إلّا علّة لحدوث النجاسة ، فبقاؤها مستند إلى اقتضائها الذاتي ، فلا يجوز في مثل المقام نقض اليقين بالشك ، ورفع اليد عن النجاسة المتيقّنة الثابتة لهذا الماء الموجود بمجرّد احتمال أن يكون زوال التغيّر مؤثّرا في إزالتها.
وقد يتوهّم أنّ الشك في بقاء النجاسة في المقام مسبّب عن الجهل بمقدار اقتضاء التغيّر للتأثير من أنّه يقتضي تنجيس الماء مطلقا أو تنجيسه ما دام التغيّر ، فالاستصحاب فيه ليس بحجّة ، كما تحقّق في محلّه.
ويدفعه : أنّ الطهارة والنجاسة كالملكية والزوجية والحرّية والرقّية من الأمور القارّة التي لا ترتفع بعد تحقّقها إلّا برافع ، ولذا لا نشكّ في بقاء نجاسة الكرّ المتغيّر لو صار قليلا قبل زوال تغيّره ، والشك في المقام إنّما نشأ من احتمال كون الكرّية بنفسها رافعة للنجاسة عن الماء ، ككونها دافعة عنه ، والأصل يقتضي بقاءها ما لم تثبت رافعية الكرّ.
إن قلت : إنّ القطع ببقاء النجاسة بعد زوال التغيّر عند صيرورته أقلّ من كرّ لا يكشف عن أنّ الشكّ مسبّب عن الشكّ في رافعية الكرّ ، لجواز أن يكون تغيّر الكرّ مقتضيا لانفعاله ما دام الوصف وتغيّر القليل ، كملاقاته للنجس مقتضيا لنجاسته مطلقا ، فبعد فرض صيرورته قليلا يندرج في الموضوع الذي يتأثّر مطلقا بالتغيّر.
قلت : نفرض زوال تغيّر بعض الكرّ قبل انفصاله ، فيستكشف من