مطلقا لا من حيث ذاتهما ، كما لا يخفى.
وممّا يدلّ على طهارة بدن الحيوان بزوال عين النجاسة ـ مضافا إلى الأخبار الكثيرة التي يمكن استفادتها منها ـ ما استقرّ عليه سيرة المتشرّعة من عدم تحرّزهم عن الحيوانات التي يعلم بنجاستها عند تولّدها بدم الولادة ، ولا عن سؤر الهرّة وأشباهها مع علمهم غالبا بمباشرتها للنجس ولو في بعض الأزمنة ، واطمئنانهم بعدم ملاقاتها للمطهّر الشرعي ، بل لو غسل واحد منهم فم الهرّة التي أكلت الفأرة أو شربت ماء نجسا مع علمه عادة بأنّها تأكل من طعامه وشرابه ، يعدّ عندهم من المجانين.
وكيف كان فالحكم من الوضوح بمكان لا يحوم حوله الارتياب ، وإنّما الإشكال في أنّه هل يتنجّس بدن الحيوان عند تلوّثه بالنجاسة ، فيطهر بزوال العين ، أو أنّه لا ينفعل أصلا ، كالبواطن التي لا تتأثّر بما فيها من النجاسات؟ وسيتّضح لك تحقيقه إن شاء الله في محلّه ، ولا يترتّب على تنقيحه فائدة مهمّة إلّا في صورة الشكّ في بقاء العين ، فإنّه لا يجوز الحكم بنجاسة ملاقيه على الثاني ، فإنّها من آثار ملاقاة النجس ، وهي مشكوكة في الفرض.
واستصحاب بقاء النجس لا يجدي في الحكم بنجاسة الملاقي إلّا على القول باعتبار الأصول المثبتة ولا نقول به ، وأمّا على الأوّل فتستصحب نجاسة الحيوان ويحكم بتنجيس ملاقيه ، لكونه من آثارها.
وملخّص الفرق بينهما : أنّ الشك في الأوّل مسبّب عن الشك في بقاء