بناء على وجوب مقدّمة الواجب ، كما هو المشهور المنصور ، إلّا أنّ في المقام إشكالا وهو : أنّه كيف يعقل وجوب الغسل في الليل لصوم اليوم!؟
مع أنّ وجوب المقدّمة مسبّب عن وجوب ذيها ولم يتحقّق بعد في الفرض ، لأنّ الأمر بالصوم لا يتنجّز على المكلّف إلّا في اليوم ، والضرورة قاضية باستحالة تقدّم المعلول على علّته في الوجود الخارجي.
ولا اختصاص لهذا الإشكال بالمقام ، بل هو سار في كثير من الموارد ، كوجوب المسير إلى الحج قبل زمانه ، ووجوب تحصيل العلم بالمسائل الشرعية قبل زمان العمل ، الى غير ذلك ممّا لا يحصى.
ولقد اضطربت كلمات الأعلام في التفصّي عن الإشكال حتى أنّ منهم من التزم بالوجوب النفسي للمقدّمة في مثل هذه الموارد (١).
ومنهم من أنكر وجوب الغسل للصوم مع اعترافه بوجوب المقدّمة وتوقّف صحة الصوم عليه ، ولذا اعترض العلّامة عليه : بأنّه لا يحترز عن التناقض في كلامه (٢).
ومنهم من قال بأنّ العلم بوجوب ذي المقدّمة في وقته سبب لوجوبها لا وجوبه (٣).
ومنهم من التزم بجواز وجوب المقدّمة قبل وجوب ذيها متشبّثا بذيل العقلاء في حكمهم بالنسبة إلى أوامر الموالي والعبيد بقبح ترك
__________________
(١) العلّامة الحلّي في منتهى المطلب ١ : ٩٣.
(٢) منتهى المطلب ١ : ٩٤ ، وراجع : السرائر ١ : ١٣١ و ١٣٢.
(٣) راجع : الحدائق الناضرة ٣ : ٥٩ ـ ٦٠.