مرادا من الخطاب ـ هو العاجز الواقعي ، علمت أنّه ليس للمكلّف أن يرفع اليد عن التكاليف المتوجّهة إليه بمجرّد احتمال عجزه ، لأنّ احتمال قدرته وعدم اندراجه في موضوع حكم العقل بقبح عقابه موجب لإلزام عقله باشتغاله بالفعل إلى أن يتحقّق الامتثال أو يتبيّن عجزه ، لأنّ التحرّز عن الضرر المحتمل واجب عقلا.
هذا ، مع أنّ مقتضى أصالة العموم : وجوب الفعل على كلّ من لم يعلم عجزه ، لما عرفت من أنّ خروج كلّ فرد في الفرض تخصيص مستقلّ ، فالشك في كون الشخص عاجزا شكّ في أصل التخصيص لا في مصداق المخصّص ، فالمرجع إذن أصالة العموم لا الأصول العملية.
وبما ذكرنا ظهر لك أنّه لا وجه لتخصيص وقت وجوب الغسل بآخر الليل ، نعم يتضيّق وجوبه في ذلك الوقت.
وربما علّل تخصيص الوجوب بآخر الوقت وأنّه لو قدّمه نوى الندب : بعدم تعقّل وجوب الشرط قبل وجوب المشروط ، وأمّا بعد أن تضيّق وقته فقد نزّل ضيق الوقت بمنزلة دخوله. وفيه ما لا يخفى.
ويتلوه في الضعف ما قيل : من أنّ صوم اليوم لا يتوقّف إلّا على الغسل المقارن لأول طلوع الفجر ، لأنّ الجنابة في هذا الوقت مانعة عن صحته لا غير ، فلا مدخلية لإزالة الجنابة قبله بصحة الصوم حتى يتّصف الغسل لأجلها بالمقدّميّة.
توضيح الضعف : أنّ زوال الجنابة في هذا الوقت يتوقّف على الغسل قبله ، سواء كان الغسل مقارنا له أو متقدّما عليه ، ولذا لا يجوز النوم