ويستفاد ذلك أيضا من رواية أبي بصير عن الماء النقيع تبول فيه الدوابّ ، فقال : «إن تغيّر الماء فلا تتوضّأ منه ، وإن لم يتغيّر بأبوالها فتوضّأ منه ، وكذلك الدم إذا سال في الماء وأشباهه» (١) فإنّ المنصرف إلى الذهن من تغيّر الماء بالدم إنّما هو تغيّر لونه ، فمناقشة بعض المتأخّرين في مستند الحكم بالنسبة إلى التغيّر باللون (٢) ممّا لا وجه لها.
ولا عبرة بغير الأوصاف الثلاثة ، كالحرارة والبرودة والثخانة وغيرها وإن كان مقتضى بعض الأخبار المطلقة كفاية مطلق التغيّر ، إلّا أنّه يتعيّن صرفها ـ لو لم نقل بانصرافها ـ إلى الأوصاف الثلاثة التي هي أظهر الأوصاف ، للحصر المستفاد من الأخبار المتضمّنة لذكر الثلاثة أو بعضها ، مضافا إلى عدم الخلاف فيه ظاهرا ، بل عن غير واحد دعوى الإجماع عليه.
ويعتبر أن يكون التغيّر مستندا إلى وقوع النجاسة فيه ، فلا ينجس الماء إذا تغيّر بمجاورة النجاسة ولو وقعت بعد التغيّر فيه ، لأنّ المتبادر من الأخبار أن يكون التغيّر مسبّبا عن ملاقاة النجس ، كما أنّ المتبادر إلى الذهن ممّا دلّ على انفعال القليل انفعاله بملاقاة النجس لا بمجاورته.
ولو تغيّر الماء بنجس بعضه في الماء وبعضه خارج عنه واستند التأثير إلى المجموع ، فالظاهر انفعاله ، لصدق تغيّره بما وقع فيه.
__________________
(١) التهذيب ١ : ٤٠ ـ ١١١ ، الإستبصار ١ : ٩ ـ ٩ ، الوسائل ، الباب ٣ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ٣.
(٢) مدارك الأحكام ١ : ٥٧.