قلنا ـ بعد تسليم الدعوى ـ : إنّ مساعدة العرف نافعة في تشخيص الأمور المقصودة من الخطابات لا في الأحكام المستنبطة باجتهادهم ، والله العالم.
والعجب ممّن اعترض على المشهور القائلين بعدم كفاية التقدير في ما لو أريق في الماء نجاسة مسلوبة الصفات : بأنّه يلزمهم الحكم بطهارة ماء أريق فيه أضعاف أضعافه من البول ، وهو بديهي الفساد.
وحقيق أن يقال له :
.... حفظت شيئا وغابت عنك أشياء (١)
فإنّ شرط عدم الانفعال بقاء الماء على صفة الإطلاق عرفا ، وبعد اختلاطه بنصفه من البول فضلا عن مثله أو ضعفه لا يصدق عليه الاسم على إطلاقه.
ولو فرض استهلاك البول في ضمنه ، وصدق الماء المطلق عليه عرفا ، لا نتحاشي عن الالتزام بالحكم ، فالمدار حينئذ على بقاء اسم الماء وعدم خروجه عن إطلاقه ، وإلّا فينجس لو صدق على المجموع كونه ماء ممتزجا بالبول وإن لم يتحقّق استهلاك من الطرفين ، ولم يصدق على المجموع اسم البول على إطلاقه ، إذ ليس شرط تأثير البول كونه بولا مطلقا ، فيكفي في تنجيس الملاقي وجوده في ضمن المجموع ولو بحكم
__________________
(١) عجز بيت ، وصدره :
قل لمن يدّعي في العلم فلسفة ..
والبيت لأبي نواس ، راجع ديوانه ص ٨.