ولو عمل جاهليّ في أرض المشركين حتّى وصل إلى المعدن ثمّ فتح البلد المسلمون ، لم يكن المعدن غنيمة ، ولا يملكه الغانمون ، ويكون على الإباحة كالموات ، لأنّه لا يعلم هل قصد الجاهليّ التملّك فيغنم ، أو لا ، فيبقى على أصل الإباحة.
٦١١٠. السادس : لو ملك انسان معدنا ، فعمل فيه غيره بغير إذنه ، فالحاصل للمالك ولا أجر للعامل لتبرّعه بالعمل ، ولو عمل بإذن المالك على أنّ ما يخرجه للعامل ، قال الشيخ : لا يصحّ ، لأنّها هبة مجهولة ، والمجهول لا يصحّ تملّكه إلّا أن يجدّد عقد الهبة بعد الإخراج ويقبضه إيّاه ، ولا أجرة للعامل لأنّه عمل لنفسه ، وإنّما يثبت الأجر إذا عمل لغيره بعمل صحيح أو فاسد ، وينزّل ذلك منزلة من وهب زرعه المجهول لغيره فنقله (١) الموهوب له وصفّاه ، ولا شيء له من الزرع ، ولا أجرة على عمله ، وإن عمل بإذن المالك للمالك ، ولم يعيّن أجرة ، ثبت له أجرة المثل إذا كان العمل ممّا يستحقّ عليه أجرة ، وإن عيّن أجرة معيّنة ، صحّ ، وكذا الجعالة إن كانت مجهولة ، ثبت أجرة المثل ولا يثبت ما جعل له (٢).
والوجه عندي أنّ المالك إذا أذن له في العمل لنفسه ، كان إباحة وله الرجوع فيما أخذه العامل ما دامت العين باقية ، ولا أجرة له لو رجع المالك.
ولو قال : اعمل فيه كذا ولك الحاصل بشرط أن يعطيني ألفا لم يصحّ.
ولو استأجره لحفر عشرة أذرع في دور كذا بدينار ، صحّ لأنّها إجارة معلومة ، فإن ظهر عرق ذهب فقال : استأجرتك لتخرجه بدينار لم يصحّ لجهالة
__________________
(١) في «أ» : فقبله.
(٢) المبسوط : ٣ / ٢٧٩ ـ ٢٨٠ ، نقله المصنف بتلخيص.