وأبو موسى والحسن وعبيدة والشعبي : هي كناية عن الجماع وكانوا لا يوجبون الوضوء لمن مسّ امرأته. وقال عمر وعبد الله بن مسعود : المراد اللّمس باليد ، وكانا يوجبان الوضوء بمسِّ المرأة ولا يريان للجنب أن يتيمّم ، فمن تأوّله من الصحابة على الجماع لم يوجب الوضوء من مسِّ المرأة ، ومن حمله على اللّمس باليد أوجب الوضوء من مسِّ المرأة ولم يجز التيمّم للجنب.
ثمّ أثبت عدم نقض الوضوء بمسِّ المرأة على كلِّ حال لشهوة أو لغير شهوة بالسنّة النبويّة ، فقال : اللّمس يحتمل الجماع على ما تأوّله عليّ وابن عبّاس وأبو موسى ، ويحتمل اللّمس باليد على ما روي عن عمر وعبد الله بن مسعود ، فلمّا روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قبّل بعض نسائه ثمّ صلّى ولم يتوضّأ ، أبان ذلك عن مراد الله تعالى.
ووجه آخر يدلّ على أنّ المراد منه الجماع وهو أنّ اللّمس وإن كان حقيقة للمسِّ باليد فإنّه لمّا كان مضافاً إلى النساء وجب أن يكون المراد منه الوطء كما أنّ الوطء حقيقته المشي بالأقدام فإذا أُضيف إلى النساء لم يعقل منه غير الجماع ، كذلك هذا ونظيره قوله تعالى : (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَ) ، يعني من قبل أن تجامعوهنّ.
وأيضاً فإنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أمر الجنب بالتيمّم في أخبار مستفيضة ، ومتى ورد عن النبيِّ صلىاللهعليهوآلهوسلم حكم ينتظمه لفظ الآية وجب أن يكون فعله إنّما صدر عن الكتاب ، كما أنّه قطع السارق وكان في الكتاب لفظ يقتضيه كان قطعه معقولاً بالآية ، وكسائر الشرائع التي فعلها النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ممّا ينطوي عليه ظاهر الكتاب.
ويدلُّ على أنّ المراد الجماع دون لمس اليد أنّ الله تعالى قال : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) ، إلى قوله : (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) ، أبان به عن حكم الحديث في حال وجود الماء ثمّ عطف عليه قوله : (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ) ،