إلى قوله : (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) ، فأعاد ذكر حكم الحدث في حال عدم الماء فوجب أن يكون قوله : (أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ) على الجنابة لتكون الآية منتظمة لها مبيّنة لحكمهما في حال وجود الماء وعدمه ، ولو كان المراد اللّمس باليد لكان ذكر التيمّم مقصوراً على حال الحدث دون الجنابة غير مفيد لحكم الجنابة في حال عدم الماء ، وحمل الآية على فائدتين أولى من الاقتصار بها على فائدة واحدة ، وإذا ثبت أنّ المراد الجماع انتفى اللّمس باليد لما بيّنا من امتناع إرادتهما بلفظ واحد.
فإن قيل : إذا حمل على اللّمس باليد كان مفيداً لكون اللّمس حدثاً وإذا جعل مقصوراً على الجماع لم يُفد ذلك ، فالواجب على قضيّتك في اعتبار الفائدتين حمله عليهما جميعاً فيفيد كون اللّمس حدثاً ، ويفيد أيضاً جواز التيمّم للجنب ، فإن لم يجز حمله على الأمرين لما ذكرت من اتّفاق السلف على أنّهما لم يرادا ولامتناع كون اللفظ مجازاً وحقيقةً أو كنايةً وصريحاً ، فقد ساويناك في إثبات فائدة مجدّدة بحمله على اللّمس باليد مع استعمالنا حقيقة اللفظ فيه ، فما جعلك إثبات فائدة من جهة إباحة التيمّم للجنب أولى ممّن أثبت فائدته من جهة كون اللّمس باليد حدثاً؟
قيل له : لأنّ قوله تعالى : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) مفيد لحكم الأحداث في حال وجود الماء ونصّ مع ذلك على حكم الجنابة ، فالأَولى أن يكون ما في نسق الآية من قوله : (أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ) ، إلى قوله : (أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ) ، بياناً لحكم الحدث والجنابة في حال عدم الماء ، كما كان في أوّل الآية بياناً لحكمهما في حال وجوده ، وليس موضع الآية في بيان تفصيل الأحداث وإنّما هي في بيان حكمها ، وأنت متى حملت اللّمس على بيان الحدث فقد أزلتها عن مقتضاها وظاهرها فلذلك كان ما ذكرناه أولى.
ودليل آخر على ما ذكرناه من معنى الآية وهو أنّها قد قرئت على وجهين : (أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ) ، ولمستم ، فمن قرأ : (أَوْ لامَسْتُمُ) فظاهره الجماع لا غير ، لأنّ