غيره في الحوادث ، وهذا متّفق عليه. انتهى.
فأين يقع من هذا الشرط بعد إصفاق الأُمّة عليه رجل لم يُعطَ بسطة من العلم ولم يك ما كان يعلمه يغنيه عن الناس ، وإنّما الأُمّة كانت في غنىً عن ثرى علمه ، وحديث استفتاء غيره ملأ كتب الحديث والسنن ، وشحن معاجم التاريخ والسير ، (فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلالُ) (١).
وبما ذكرناه كلّه تعرف قيمة قول ابن حزم الأندلسي في كتابه الفصل (٢) : علم كلّ ذي حسّ علماً ضرورياً ، أنّ الذي كان عند عمر من العلم أضعاف ما كان عند عليّ من العلم إلى آخر كلامه المذكور في الجزء الثالث من كتابنا هذا (ص ٩٥).
وقول ابن تيميّة في منهاج السنّة (٣ / ١٢٨) : وقد جمع الناس الأقضية والفتاوى المنقولة عن أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ فوجدوا أصوبها وأدلّها على علم صاحبها أُمور أبي بكر ثمّ عمر ، ولهذا كان ما يوجد من الأُمور التي وجد نصّ يخالفها عن عمر أقلّ ممّا وجد من عليّ ، وأمّا أبو بكر فلا يكاد يوجد نصّ يخالفه.
فقال : ولم يكن أبو بكر ولا عمر ولا غيرهما من أكابر الصحابة يخصّان عليّا بسؤال ، والمعروف أنّ عليّا أخذ العلم عن أبي بكر ، كما في السنن عن عليّ ، قال : كنت إذا سمعت عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم حديثاً نفعني الله به ما شاء أن ينفعني ، وإذا حدّثني غيره حديثاً استحلفته ، فإذا حلف لي صدّقته ، وحدّثني أبو بكر وصدق أبو بكر ، قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : «ما من عبد مؤمن يذنب ذنباً فيحسن الطهور ثمّ يقوم فيصلّي ثمّ يستغفر الله إلاّ غفر الله له». انتهى.
وعجيب أنّ الرجل يموّه على نفسه ويحسب أنّ ذلك ينطلي على غيره أيضاً ، أو
__________________
(١) يونس : ٣٢.
(٢) الفِصَل في الملل والنحل : ٤ / ١٣٨.