الثاني : بغضهم للشيعة ، فلقد قام الخلفاء الفاطميون بتأسيس دولة إسلامية شيعية ، لأوّل مرة في أقصاع كبيرة من الأرض وأشاعوا فيها التشيع ، وحب أهل البيت ، وأمروا بإدخال « حي علىٰ خير العمل » في الأذان ، وترك بعض البدع ، كإقامة صلاة التراويح جماعة وغيرها ، ممّا حدا بالمتعصبين من أهل السنّة كالذهبي ، ومن لف لفه ـ الذي كان لا يقيم للأشاعرة من أهل العقائد ولا لغير الحنابلة من أهل الفقه وزناً ولا قيمة ، فكيف للشيعة المنزهة لله سبحانه عن الجسم ولوازمه ـ أن يسبّهم ويتّهمهم بتهم رخيصة ، وانّهم من عناصر يهودية قلبوا الإسلام ظهراً لبطن.
فما نرى في كتب التاريخ والمعاجم حول نسب عبيد الله المهدي ، كـ « وفيات الأعيان » لابن خلكان ، وسير أعلام النبلاء للذهبي وغيرهما لا يمكن الاعتماد عليها والوثوق بها ، لأنّها وليدة أجواء العداء السياسي ، والاختلاف المذهبي ، اللّذين يعميان ويصمان.
نعم هناك من رد تلك التهم المشينة من المؤرخين برحابة صدر كابن خلدون في مقدمته ، والمقريزي في خططه.
يقول ابن خلدون : أوّلهم عبيد الله المهدي بن محمد الحبيب بن جعفر الصادق (١) بن محمد المكتوم بن (٢) جعفر الصادق ، ولا عبرة بمن أنكر هذا النسب من أهل القيروان وغيرهم وبالمحضر الذي ثبت ببغداد أيام القادر بالطعن في نسبهم ، وشهد فيه أعلام الأئمّة ، وقد مرّ ذكرهم. فإنّ كتاب المعتضد
______________________
١. هو جعفر الأكبر السلامي ، ولد محمد بن إسماعيل ابن الإمام الصادق عليهالسلام وربما يعبر عنه بالمصدق ليتميز عن جدّه الإمام الصادق عليهالسلام.
٢. سقط عن الطبع : ابن إسماعيل بن جعفر الصادق ، أُنظر عمدة الطالب : ٢٣٥ ، وقد ذكر ابن خلدون نفسه في مكان آخر نسبه وقال : لما توفّي محمد الحبيب بن جعفر بن محمد بن إسماعيل الإمام عهد إلى ابنه عبيد الله وقال : أنت المهدي ...التاريخ ٤ / ٤٤.