ومن شعراء عصره ابن هانئ الأندلسي ، وهو محمد بن هانئ الأندلسي من قرية اشبيلية ، ولد عام ٣٢٠ هـ ولقب بأبي القاسم ، ولما اتهم بمذهب الإسماعيلية غادر الأندلس نازلاً إلى المغرب ، واتصل بأميره ، فبالغ في إكرامه وأحسن إليه ، ولما وصل خبره إلى المعز طلبه من أمير المغرب ، فأقام عنده حتى ارتحل الإمام المعز إلى مصر فلحق به فيها.
كان ابن هانئ من فحول الشعراء ، ولكن قصائده تحكي عن غلوه في حقّ الأئمّة الإسماعيلية حيث تفوح منها رائحة الإلحاد ، وقد أعطى لهم ما للخالق من الأوصاف ، وإليك مقتطفات من أشعاره :
قال :
ما شئتَ لا ما شاءت الأقدارُ |
|
فاحكم فأنتَ الواحدُ القهّار |
وكانّما أنت النبي محمّد |
|
وكأنّما أنصارك الأنصار |
أنت الذي كانت تبشّرنا به |
|
في كتبها الأحبارُ والأخبار |
هذا إمام المتقين ومن به |
|
قد دوخ الطغيان والكفار |
هذا الذي ترجى النجاة بحبِّه |
|
وبه يُحطُ الإصر والأوزار |
هذا الذي تجدي شفاعته غداً |
|
حقاً وتخمد أن تراه النارُ (١) |
إنّ بيته الأوّل ينم عن غلوّه غلواً يكسي صفة الخالق على المخلوق.
ومن العجب أنّ المؤرّخ الإسماعيلي المعاصر حاول تصحيح الأشعار ، ودفع الفاسد بالأفسد ، حيث قال في تعليقته : إنّ العقيدة الإسماعيلية تنزّه الخالق عن الصفات كالعالم والقادر والصانع و ... ، فإنّ إطلاق الصفات عليه يوجب الكثرة في ذاته عندهم ، وهم يروون عن الإمام الباقر محمد بن علي زين العابدين
______________________
١. مصطفى غالب : تاريخ الدعوة الإسماعيلية : ٢٠٩.