إنّ نظرية المثل والممثول تُعدُّ الحجر الأساس لِعامّة عقائد الإسماعيليّة ، التي جعلت لكلِّ ظاهر باطناً ، وسمّوا الأوّل مثلاً ، والثاني ممثولاً. وعليه تبتني نظرية التأويل الدينيّة الفلسفية ، فتذهب إلى أنّ الله تعالى جعل كلَّ معاني الدّين في الموجودات ، لذا يجب أن يُستدل بما في الطبيعة على إدراك حقيقةَ الدين ، فما ظهر من أُمور الدين من العبادة العمليّة ، التي بيّنها القرآن معاني يفهمها العامّة ، ولكن لكلّ فريضة من فرائض الدين تأويلاً باطناً ، لا يعلمه إلّا الأئمّة ، وكبار حججهم وأبوابهم ودعاتهم. (١)
يقول الداعي المؤيد في الدين الشيرازي : خلق الله أمثالاً وممثولات ، فجسم الإنسان مثل ، ونفسه ممثول ، والدنيا مثَل والآخرة ممثول ، وانَّ هذه الأعلام التي خلقها الله تعالى ، وجعل قُوام الحياة بها ، من الشمس والقمر ، والنجوم ، لها ذوات قائمة ، يحل منها محل المثل وانّ قواها الباطنة التي تؤثر في المصنوعات ، هي ممثول تلك الأمثال.
وقال صاحب المجالس المستنصرية : معشر المؤمنين انّ الله تعالى ضرب لكم الأمثال جملاً وتفصيلاً ، ولم يستح من صغر المثال إذا بيّن به ممثولاً ، وجعل ظاهر القرآن على باطنه دليلاً ، ومن قصيدة المؤيد للدين يقول فيها :
أقصد حمى ممثوله دون المَثل |
|
ذا أبرُ النحل (٢) وهذا كالعسل |
______________________
١. مصطفى غالب : في مقدمة الينابيع : ١٣.
٢. ابر النحل : لذعته.