الثاني : ألَّف كتاباً ، حاولَ فيه أن يبيّن التأويل الباطني لجميع الأحكام ، أسماه بـ « تأويل الدعائم » واستطاع أن يُنهي تأليف الجزء الأوّل منه ، والذي يشتمل على كتاب الولاية ، والطهارة ، والصلاة ، ولكنَّ المنيّة حالت دون إتمامه لتأويل بقيّة الأبواب الفقهية.
ولذا نقتصر في المقام على ما جاء في هذا الكتاب ، بوجه مُوجز ، وهدفنا ذكر نماذج ، منها فقط ، لأنّنا لا نروم التفصيل والاستقصاء في هذا البحث.
وليعلم أنّ للفاطميين كتباً كثيرةً في التأويل ، وقد وَعَدَ محقّق كتاب « تأويل الدعائم » محمد حسن الأعظمي أن ينشر بعضها في المستقبل. (١)
لمّا كان التأويل أمراً شخصيّاً ، يختلف باختلاف الدّاعي ، واختلاف ذوقه ، اختلفت كلمة الدعاة أشدَّ الاختلاف ، في مسائل كثيرة ، يقول محقّق كتاب راحة العقل ، ما هذا لفظه :
الداعي النخشبي وضع كتابه المحصول في فلسفة المذهب. وجاء بعده أبو حاتم الرازي ، فوضع كتابه الإصلاح ، وخالف فيه أقوال من سبقه ، ثمّ جاء أبو يعقوب السجستاني ، أُستاذ الكرماني ، فانتصر للنخشبي ، وخالف أبا حاتم ، ثمّ جاء الكرماني الذي استطاع أن يوفّق بين آراء شيخه وآراء أبي حاتم. (٢)
إنّ المواضع المقتطفة من كتاب « تأويل الدعائم » يعرب عن أمرين :
الأوّل : أنّ جميع التأويلات مبنيّة على : أُسس فلسفيّة ذوقيّة ، لا تتمتع بالبرهان كأكثر تأويلات الصوفيّة.
الثاني : أنّ غالب التأويلات مبنيّة على ثبوت مقامات غيبيّة لأئمّتهم. ومن أجل أن يقف القارئ بنفسه ، ويتيقن من صحة الدعوى التي ذكرناها هنا ، سوف نستعرض مجموعة من النماذج لآرائهم ، وهي :
______________________
١. تأويل الدعائم : ٣٥ ، قسم المقدمة.
٢. راحة العقل : ١٧ ، مقدمة المحققين.