وزعموا أنّه يجب عليهم أن يبدأوا بقتل مَنْ قال بالإمامة مِمّنْ ليس علىٰ قولهم ، وخاصّة من قال بإمامة موسى بن جعفر ، وولده من بعده ؛ وتأوّلوا في ذلك قولَ الله تعالى : ﴿ قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً ﴾ (١) فالواجب أن يُبدأ بهؤلاء ، ثمّ بسائر الناس ؛ وعددهم كثير ، إلّا أنّه لا شوكة لهم ولا قوّة ، وهم بسواد الكوفة واليمن أكثر ولعلّهم أن يكونوا زُهاء مائة ألف. (٢)
أقول : إنّ النوبختي أقدم مَن كتب عنهم من أصحاب المقالات ، وقد عاصرهم ، حيث إنّ القرامطة ظهرت سنة ٢٦٧ هـ ، وتوفي النوبختي في أوائل القرن الرابع حوالي سنة ٣١٠ هـ ، فما ذكره عنهم أدقّ ممّا ذكره غيره.
٢. وقال الأشعري : القرامطة يزعمون أنّ النبيّ نصّ علىٰ إمامة ابنه الحسن ـ وهكذا ينقل نصّ كلّ إمام على الإمام المتأخر ـ حتّى وصلت النوبة إلىٰ نصّ جعفر علىٰ إمامة ابن ابنه محمد بن إسماعيل.
وزعموا أنّ محمد بن إسماعيل حيٌّ إلىٰ اليوم ، ولم يمت ولا يموت حتّى يملك الأرض ، وأنّه هو المهدي الذي تقدّمت البشارة به ، واحتجوا في ذلك بأخبار رووها عن أسلافهم يخبرون فيها أنّ سابع الأئمّة قائمهم. (٣)
٣. وأمّا عبد القاهر البغدادي فلم يذكر القرامطة بالاسم ، لكن نقل ما ذكره الإمام الأشعري في المقالات وقال : « وفرقة قالت كان الإمام بعد جعفر سبطه محمد بن إسماعيل بن جعفر ، حيث إنّ جعفراً نصب ابنه إسماعيل للإمامة بعده ، فلمّا مات إسماعيل في حياة أبيه ، علمنا أنّه إنّما نصب ابنه إسماعيل للدلالة علىٰ إمامة ابنه محمد بن إسماعيل. (٤)
______________________
١. التوبة : ١٢٣.
٢. النوبختي : فرق الشيعة : ٧٢ ـ ٧٦.
٣. الأشعري : مقالات الإسلاميين : ٢٦.
٤. عبد القاهر البغدادي : الفرق بين الفرق : ٦٣.