من المشاكل التي واجهت أئمّة أهل البيت عليهمالسلام هي الحركات الباطنية التي تزعّمها الموالي والعناصر المستسلمة ، المندسَّة بين أصحاب أئمة أهل البيت عليهمالسلام في عصر الصادقين عليهماالسلام.
فقد سنحت الظروف للإمام الباقر والصادق عليهماالسلام أن يؤسّسا جامعة إسلامية كبيرة دامت نصف قرن كان لها صدى كبير في العالم الإسلامي ، فقاما بتربية نخبة من الفقهاء والمحدّثين والمفسّرين البارزين ، وحفظا بذلك السنّة النبوية من الاندثار بعدما كان التحدّث بها وكتابتها أمراً محظوراً أو مكروهاً إلى عهد الخليفة العباسي المنصور الدوانيقي.
فأضحت تلك الجامعة شوكة في أعين خصومها ، فقامت ثلة من العناصر الدخيلة بالانخراط في صفوف أصحاب الأئمّة بغية التخريب والتضليل ، وتشويه سمعة أئمّة أهل البيت عليهمالسلام أوّلاً ، وهدم كيان الإسلام ثانياً. وقد شكَّلت تلك العناصر فيما بعد اللبنة الأُولى للحركات الباطنية التي جرّت الويلات على الإسلام والمسلمين ، فاتخذ الإمام الصادق عليهالسلام موقفاً حازماً أمامها تجنباً لأخطارها ، فأعلن للملأ الإسلامي براءته من تلك الفئات المنحرفة عن الدين والإسلام وتكفيرها وانّ عاقبتها النار.
ومن جملة الذين أبدعوا الحركات الباطنية وأغروا جماعة من شيعة أئمّة أهل البيت عليهمالسلام هو محمد بن مقلاص المعروف بأبي الخطاب الأسدي ، وزملاؤه ، نظير : المغيرة بن سعيد ، وبشار الشعيري وغيرهم ، فقد تبرّأ منهم الإمام عليهالسلام على رؤوس الأشهاد. ونركز البحث هنا على رئيس الفرقة الباطنية ، أعني : أبا زينب محمد بن مقلاص الأسدي.