المكرمة بقيادة أبي طاهر الجنابي ، وما رافق ذلك من قتل الحجاج ، واقتلاع الحجر الأسود من مكانه ، وأخذه إلى هجر ، إنّ هذه الحادثة كانت بمثابة القنبلة الموقوتة التي انفجرت بعد حين ودمرت الكيان القرامطي من أساسه ، حتى أنّ أبا محمد عبيد الله الذي أسس الدولة العبيدية وكان هو نفسه قرمطي العقيدة استهول هذه الحادثة وأفزعته مضاعفاتها السلبية في الأوساط الإسلامية ، فأرسل كتاباً لنظرائه قرامطة البحرين ينكر فيه عليهم فعلتهم الشنيعة ويلوم أبا طاهر المذكور ويلعنه ويقيم عليه القيامة ، بقوله :
قد حقّقت على شيعتنا ودعاة دولتنا اسم الكفر والإلحاد بما فعلت وإن لم ترد علىٰ أهل مكة وعلى غيرهم من الحجاج ما أخذت منهم ، وترد الحجر الأسود إلى مكانه ، وترد كسوة الكعبة فأنا بريء منك في الدنيا والآخرة.
وهذه الحادثة المشؤومة كانت ( سنة ٣١٧ هـ ) وهنا فإنّنا نرى من الفائدة تسجيل وجهة نظر القرامطة في هذه الحادثة كما عبّر عنها أبو طاهر القرمطي الذي اقترف هذه الجريمة النكراء ، وذلك من خلال الشعر الذي قاله في هذه المناسبة ، والرد الذي أرسله إلى الخليفة العباسي المقتدر بالله.
قال أبو طاهر في تبرير اقتلاع الحجر الأسود والعدوان على البيت الحرام :
فلو كان هذا البيت لله ربّنا |
|
لصب علينا النار من فوقنا صبا |
لانّا حججنا حجة جاهلية |
|
مجللة لم تبق شرقاً ولا غرباً |
وانّا تركنا بين زمزم والصفا |
|
كتائب ، لا تبغي سوى ربها ربا |
ولكن ربّ العرش جلّ جلاله |
|
لم يتخذ بيتاً ولم يتخذ حجبا |
ومن العوامل الذاتية
الأُخرى التي أضعفت القرامطة وأدّت إلى ذهاب ريحهم واضمحلال شوكتهم ، الانقسام الذي فرّق أمرهم فيما بينهم ، وخاصة بعد موت أبي طاهر سليمان مما اضطرهم إلى تعديل نظام ( مجلس العقدانية ) وتحويله ( الى مجلس السادة ) الذي أوهن قيادتهم المركزية ، والحروب التي شنها بعضهم على