يسير منهم على أمرهم ودانوا بإمامة عبد الله وهم الطائفة الملقبة بالفطحية ، وإنّما لزمهم هذا اللقب لقولهم بإمامة عبد الله وكان أفطح الرجلين ، ويقال انّهم لقبوا بذلك لأنّ داعيهم إلى إمامة عبد الله كان يقال له عبد الله بن الأفطح. (١)
وقال أيضاً : وأمّا الفطحية فإنّ أمرها أيضاً واضح ، وفساد قولها غير خاف ولا مستور عمّن تأمله ، وذلك أنّهم لم يدّعوا نصاً من أبي عبد الله عليهالسلام على عبد الله ، وانّما عملوا على ما رووه من أنّ الإمامة تكون في الأكبر ، وهذا حديث لم يُرو قط إلّا مشروطاً ، وهو أنّه قد ورد أنّ الإمامة تكون في الأكبر ما لم تكن به عاهة ، وأهل الإمامة القائلون بإمامة موسى بن جعفر عليهالسلام متواترون بأنّ عبد الله كان به عاهة بالدين ، لأنّه كان يذهب إلى مذاهب المرجئة الذين يقعون في علي عليهالسلام وعثمان ، وانّ أبا عبد الله عليهالسلام قال وقد خرج من عنده : « عبد الله هذا مرجئ كبير » وانّه دخل عليه عبد الله يوماً وهو يحدث أصحابه ، فلمّا رآه سكت حتى خرج ، فسئل عن ذلك ؟ فقال : « أو ما علمتم أنّه من المرجئة » هذا مع أنّه لم يكن له من العلم بما يتخصص به من العامة ، ولا رُوي عنه شيء من الحلال والحرام ، ولا كان بمنزلة من يستفتى في الأحكام ، وقد ادّعى الإمامة بعد أبيه ، فامتحن بمسائل صغار فلم يجب عنها وما أتى بالجواب ، فأيّ علّة ممّا ذكرناه تمنع من إمامة هذا الرجل ، مع أنّه لو لم تكن علّة تمنع من إمامته ، لما جاز من أبيه صرف النص عنه ، ولو لم يكن صرفه عنه لأظهره فيه ، ولو أظهره لنقل وكان معروفاً في أصحابه ، وفي عجز القوم عن التعلّق بالنص عليه دليل على بطلان ما ذهبوا إليه. (٢)
بقيت هنا أُمور :
الأوّل : الظاهر ممّا ذكرنا أنّ أكثر القائلين بإمامة عبد الله بن جعفر عدلوا عن
______________________
١. المفيد : الإرشاد : ٢٨٥ ـ ٢٨٦.
٢. العيون والمحاسن : ٢٥٣.